للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطريق الثاني: أدلة القرآن الواضحةُ الدلالة التي يضعف احتمال أن يكون المراد منها غير ما هو ظاهرها بحسب الاستعمال العربي، بحيث لا يَشُك في المراد منها إلّا من شاء أن يُدخِل على نفسه شكًّا لا يعتدّ به. ألا ترى أنا نجزم بأن معنى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} (١): أن الله أوجبه. ولو قال أحد: إن ظاهر هذا اللفظ أن الصيام مكتوب في الورق لجاء خطأً من القول. فالقرآن لكونه متواترَ اللفظ قطعيَّهُ يحصل اليقين بنسبة ما يحتوي عليه إلى الشارع تعالى، ولكنه لكونه ظنّيّ الدلالة يحتاج إلى دلالة واضحة يضعف تطرق احتمال معنى ثانٍ إليها.

فإذا انضمَّ إلى قطعيّة المتن قوّة ظَنّ الدلالة تَسَنّى لنا أخذُ مقصد شرعي منه يرفع الخلافَ عند الجدل في الفقه، مثل ما يؤخذ من قوله تعالى: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} (٢)، وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} (٣)، وقوله: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (٤)، وقوله: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} (٥)، وقوله: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (٦)، {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (٧). ففي كلّ آية من هذه الآيات تصريح بمقصد شرعي أو تنبيه على مقصد.


(١) البقرة: ١٨٣.
(٢) البقرة: ٢٠٥.
(٣) النساء: ٢٩.
(٤) الأنعام: ١٦٤؛ الإسراء: ١٥، فاطر: ١٨.
(٥) المائدة: ٩١.
(٦) البقرة: ١٨٥.
(٧) الحج: ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>