للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البنوة الحقيقية في صدر الإسلام (١) قبل نسخ ذلك بآية: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} (٢) الآية.

فيستخلص من هذا كله أن المقاصد الشرعية معان حقيقية لها تحقّقٌ في الخارج.

وتلحق بها المعاني الاعتبارية القريبة من الحقيقية (٣)، ومعان عرفية عامّة متحقّقة.

وتلحق بها معان عرفية خاصة تقرب من المعاني العرفية العامة.

فأما الأوهام، وهي المعاني التي يخترعها الوَهَمُ من نفسه دون أن تصل إليه من شيء محقق في الخارج، كتوهم كثير من الناس أن في الميت معنى يوجب الخوف منه أو النفور عنه عند الخلوة. وهذا الإدراك مركب من الفعل والانفعال لأن الذهن الواحد نجده في هذا فاعلاً ومنفعلاً معاً. فهو يفعل الاختراع ثم يدركه.

وكذلك التخيّلات، وهي المعاني التي تخترعها قوةُ الخيال بمعونة الوهم بأن يركِّبها الخيال من عدّة معان محسوسة محفوظةٍ في


(١) كان الناس في الجاهلية وصدر الإسلام إذا تبنّى الرجل ولد غيره أجريت اْحكام البنوّة عليه. وقد تبنّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل البعثة زيد بن حارثة، والخطَّابُ عامر بن ربيعة، وأبو حذيفة مولاه سالماً، إلى غير ذلك. الألوسي. روح المعاني: ٢١/ ١٤٦.
(٢) الأحزاب: ٥.
(٣) الاعتبارات، هي: المعاني التي لها حقائق متميزة عن بقية الحقائق ولكنها غير موجودة إلا في اعتبار العقلاء، بحيث لا مندوحة للعقل عن تعقلها، لأن لها تعلقاً بالحقائق. ولكن وجودها تابع لوجود الحقيقة مثل الزمان والمكان، أو حقيقتين مثل الإضافات كالأبوة. اهـ. تع ابن عاشور.

<<  <  ج: ص:  >  >>