للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمرُ ألزمَ المحتكرين للطعام بأن يبيعوا ما يحتاج الناس إلى شرائه من الحبوب، كما في الموطأ (١)، فقد ألزمهم بنوع من البيوع مع كون أصل التصدّي للبيع والشراء مباحاً، لأن إباحته نشأت بالاعتماد على داعي النفوس للاكتساب وحب الربح، واختلاف الأغراض هو مَعدِلُ الحاجة.

وعلى هذا المنهج تنتهج الشريعة في المحافظة على أنواع المصالح باعتبار تصرف الناس فيها بالتسامح والتضييق في القسمين المذكورين آنفاً. فلكل أحد الاختيار في حقوقه الذاتية الثابتة له على غيره التي هي من القسم الأول. فله أن يسقطها إن شاء، لأن كونها حقوقاً له، وكونها مطلوباً بها غيرُه له مَظِنَّةُ حرصه على تقاضيها. فالشريعة تكله إلى الداعي الجبلي، وهو داعي حب النفس والمنافسة في الاكتساب. فالإسقاط لا يكون إلا لغرض صحيح. فإن تجاوز ذلك الحدَّ فاختل الداعي الجبلّي سُمِّي سفهاً يُمنعُ صاحبُه من التصرف.

وأما الحقوق الثابتة للإنسان في نفسه، ولا تعلُّقَ لها بغيره،


= المسلمين حتى قدم مصر. فبعث به عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب فضربه برطائب من جريد مرة أولى وثانية، وفي الثالثة أذن له إلى أرضه وكتب إلى أبي موسى الأشعري أن لا يجالسه أحد من المسلمين. انظر ١٩ باب من هاب الفتيا وكره التنطع والتبدع ح ١٥٠. دَي: ١/ ٥١؛ القرطبي. التفسير، القسم الرابع، الآية: {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ}: ٤/ ١٤ - ١٥؛ وتفسير آية: {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا}: ١٧/ ٢٩؛ الذهبي. المشتبه: ٤١٤.
(١) يشير إلى البلاغ الذي ذكره مالك ٣١ كتاب البيوع، ٢٤ باب الحِكرة والتربص، ح ٥٦. طَ: ٢/ ٦٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>