للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتصرّفه فيها بالإسقاط صحيح. ولذلك صحَّت الهباتُ والعفو عن الجنايات دون القتل، وعن الديون في الأحوال الجارية على المقاصد الحسنة. فإن اختل الداعي الجبلّي سُمِّي التصرف سفهاً، إلا إذا ترتّب على إسقاطه مفسدة. فإن ترجيح تلك المفسدة دلّ على اختلال الداعي الجبلّي. ألا ترى أن للمرء أن يأذن الطبيب بقطع عضو من أعضائه إذا رأى الطبيبُ ذلك مع كون المصلحة مظنونةً، وله بذل نفسه في الذب عن الحوزة بشروطه (١)، وليس له الإذن بقطع عضو من أعضائه باطلًا (٢).


(١) وذلك من الجهاد، قال أبو عمر: وذلك أن يحل العدو بدار الإسلام محارباً لهم. فإذا كان ذلك وجب على جميع أهل الدار أن ينفروا أو يخرجوا إليه خفافاً وثقالاً، شباباً وشيوخاً، ولا يتخلّف أحد يقدر على الخروج من مقلّ ومكثر ... ولا يتخلف عن ذلك إلا ذو علة أو أعمى أو أعرج، ومن لا يجد ما ينفق في سفره وما يترك لعياله، ومن عليه دين لا يجد له وفاء، أو كان له أبوان يكرهان خروجه أو أحدهما. ابن عبد البر. الكافي: ١/ ٤٦٢ - ٤٦٤.
(٢) يخضع هذا للقواعد العامة. انظر الفرق بين قاعدة حقوق الله وقاعدة حقوق الآدميين قال: تحريم القتل والجرح صوناً لمصلحة العبد وأعضائه ومنافعها عليه، ولو رضي العبد بإسقاط حقه من ذلك لم يعتبر رضاه، ولم ينفذ إسقاطه ... فتحجير الرب على العبد ذلك لطفاً ورحمة منه به. القرافي. الفروق: ١/ ١٤١؛ التنقيح، الفصل ١٨: ٩٥؛ الدسوقي على الشرح الكبير: ٤/ ٢٥ وما بعدها؛ الكاساني. بدائع الصنائع: ٧/ ١٧٧؛ ابن نجيم. البحر الرائق: ٨/ ٧٤.
وفي كتاب الأحكام الشرعية للأعمال الطبية: إذا كان قتل المسلم بغير حق لا يحتمل الإباحة، وكذا قطع عضو من أعضائه فإنه لا يحل شيء من ذلك بإذن المجني عليه؛ لأن الحق في سلامة الحياة، والجسد حق مشترك بين العبد وربه. د. أحمد شرف الدين: ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>