والوجه الثاني: أن يكتري المرء حانوتاً أو رحى أو ما أشبه ذلك من رباع الغلة مشاهرة أو مساناة أو وجيبة لمدة معينة، وشمتمر على ذلك لعدم من يزيد عليه في الكراء، أو لعدم احتياج أرباب الحوانيت إليها فلا يخرجونه، فتعرف تلك الحانوت بإضافتها لمعمرها وتصير له يد فيها يقدم بها على غيره. فإذا بدا له الخروج منها تخلى عنها لغيره، وأخذ منه عوضاً على ذلك، وتَنَزَّل الآخر منزلته. وكثر ذلك وفشا حتى صار عرفاً. فمن أكرى ريعاً يراد للغلة فإنما يكريه على التبقية وأنه لا يخرج مكتريه، وتكون له يد يُقدَّم بها على غيره إذا وضع فيه آلته وموازينه. وهذه المنفعة التي يستحقها هذا المكتري بالسبق والتقدم هي المسماة عند المغاربة بالجلسة، وتسمى أيضاً خلواً. وفائدة الخلو والجلسة عندهم هو عدم إزالة يد صاحبها. فالخلو كراء على التأبيد والتبقية، وإن حدوه في الظاهر بمدة، فإن ذلك التحديد غير مراد لانعقاد الضمائر على خلافه. وفائدة الخلو في هذه الصورة الاستمرار. ويسمى عندنا في تونس النصبة وهو ما يقع في بعض حوانيت العطارين وغيرهم، وراغلة إن كان في حانوت سوقي أو صابون، وعدة إن كان في طاحونة. الوجه الثالث: أن الخلو في عرف مصر لا يقابل المنفعة أصلاً، وإنما يتوصل =