للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مصلحة له، أو جلب مضرّة له في تحصيل مصلحة غيره. وحقوق العباد هي الغالب.

ويقترن الحقان - حق الله، وحق العبد - في مثل القصاص والقذف والاغتصاب، فيغلب حق الله في الغالب. وقد يغلب حق العبد إذا لم يمكن تداركُ حقِ الله، مثل عفو القتيل عن قاتله عمداً، لأن حق الاستحياء الذي حرُم لأجله القتلُ وبولغ في التهديد عليه قد فات، فرجح حقُ العبد، على أنَّ حق الله قد يبقى منه أثر قليل، فلذلك يضرب القاتل المعفو عنه مائة ويحبس عاماً (١).


(١) هذا مذهب مالك. قال خليل: وعلى القاتل المسلم عتق رقبة إذا قتل مثله معصوماً خطأ. اهـ. وعلى البالغ القاتل عمداً - إذا لم يقتص منه، لعفو ونحوه - جلد مائة وحبس سنة، سواء كان حراً أو رقيقاً، مسلماً أو كافراً، ذكراً أو أنثى، ولو كان القتيل عبده أو مجوسياً معصوماً. الدردير. الدسوقي على الشرح الكبير: ٤/ ٢٨٧.
قال مالك والليث في قاتل العمد، يعفى عنه: إنه يجلد مائة ويسجن سنة. انظر ٤٣ كتاب العقول، ٢٢ باب العفو في قتل العمد. طَ: ٢/ ٨٧٤. وبه قال أهل المدينة، وروي ذلك عن عمر. ابن رشد. البداية: ٢/ ٣٣٨.
وحددوا عقوبة قاتل العمد، إن عفي عنه أو صولح، بأنها: ضربه مائة جلدة، وسجنه عاماً مستقبلًا. وإن كان ضربه في أول أمره أجزأ عن إعادة الضرب عليه. وأما سجنه فيستقبل عاماً من وقت العفو عنه. ابن عبد الرفيع. معين الحكام: ٢/ ٨٧٢: ١٧٢٦.
وخالف أحمد والشافعي وإسحاق وابن المنذر وأبو ثور في ذلك، وقالوا: إذا عفي عن القاتل لم تلزمه عقوبة. ودليلهم أنه إنما كان عليه حق واحد وقد أسقطه، فلم يجب عليه شيء آخر، كما لو أسقط الدية عن القاتل خطأ. ابن قدامة. المغني: (١) ٧/ ٧٤٦ = (٢) ١١/ ٥٨٤.
ومستند الإِمام مالك في ذلك حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: "أن رجلاً قتل عبده عمداً، فجلده النبي - صلى الله عليه وسلم - مائة جلدة ونفاه سنة ومحا =

<<  <  ج: ص:  >  >>