للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقضها. وهي حق الله تعالى ليحصل مقصد الشريعة من رفع الخصومات بين الأمة.

ويدخل في الوسائل الأسبابُ المعرَّفات للأحكام، والشروط، وانتفاء الموانع. ويدخل أيضاً ما يفيد معنى كصيغ العقود، وألفاظ الواقفين في كونها وسائل إلى تعرف مقاصدهم فيما عقدوه أو شرطوه.

وقد اتضح أن الوسائل مجعولةٌ في الدرجة الثانية من المقاصد. فلذلك كان من قواعد الفقه أنه إذا سقط اعتبار المقصد سقط اعتبار الوسيلة (١) * ومن الأمثلة الصالحة لهذا مسألةُ النكاح في المرض فإنه مفسوخ، وفسخه وسيلة إلى مقصد حفظ حقوق الميراث. فإذا لم يفسخ حتى برئ المريض فقد رجع مالك إلى عدم فسخه وأمَرَ بمحو ما كان قاله في فسخه (٢).

وكذلك تزوّج الحاضنة بأجنبي يُسقِط حقَّها في الحضانة. فإذا لم يقم وليُّ المحضون حتى طلقت الحاضنة فالأظهر أنه لا ينتزع منها المحضون, لأن ذلك الانتزاع وسيلة لمقصد عدم ضيعة المحضون. فلما سقط اعتبار الضيعة بعد طلاق الحاضنة لم يبق وجه لاعتبار الوسيلة. وكذلك حكمُ استعمال بعض صيغ العقود في غير ما وُضعت له إذا قرن بها ما يصرفها إلى مقصود، مثل استعمال لفظ "وهبتُ" في عقد الإنكاح إذا قرن بلفظ "صداق"، وكذلك لفظ "مَلكتُكَها".


(١) * انظر: الفرق الثامن والخمسين [بين قاعدة المقاصد وقاعدة الوسائل] من كتاب الفروق لشهاب الدين القرافي [٢/ ٣٢ - ٣٤]. اهـ. تسع ابن عاشور.
(٢) قال خليل: ومرض أحد الزوجين مانع من العقد فيفسخ إلا لصحة قبله. والمرض من أحدهما مانع. اهـ. فإن صح المريض قبل الفسخ أمضي نكاحه. الشيباني. تبيين المسالك: ٣/ ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>