للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونكاح آخر يجتمع الرهطُ ما دون العشرة فيدخلون على المرأة كلُّهم يصيبها. فإذا حملت ووضعت ومرت ليال بعد أن تضع حملها أرسلت إليهم فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع حتى يجتمعوا عندها، تقول لهم: قد عرفتم الذي كان من أمركم، وقد ولدت فهو ابنك يا فلان، تسمي من أحبت باسمه فَيُلْحَقُ به ولدها لا يستطيع أن يمتنع به الرجل.

ونكاح رابع يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة لا تمتنع ممن جاءها وهن البغايا، وكُنَّ ينصبن على أبوابهن الرايات تكون علماً، فمن أرادهن دخل عليهن. فإذا حملت إحداهن ووضعت حملها اجتمعوا لها، ودعوا لهم القافّة ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون. فالتاطَ به ودُعي ابنُه ولا يمتنِع من ذلك. فلما بعث سيدنا محمَّد - صلى الله عليه وسلم - بالحق هدم نكاح الجاهلية كله إلا نكاح الناس اليوم" (١) اهـ.

وقد اقتصرت في حديثها على ما هو متعارفُ جَهْرٍ بينهم. ولم تذكر السفاح والمخادنة المشار إليهما بقوله تعالى: {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} (٢) مقتصراً القرآن على هذين, لأن تلك التي في حديث عائشة كانت مباحة في الجاهلية فأبطلت. فأما ما يقع سرّاً وهو السفاح والمخادنة (٣) * فلم يكن مباحاً في الجاهلية، إذ كان أولياء النساء والبنات لا يقرّون ذلك. قال امرؤ القيس:

تجاوزتُ أحراساً إليها ومعشرًا ... عَليَّ حراصاً لو يشرُّون مقتلي (٤)


(١) تقدم ذكر هذا الحديث وتخريجه: ٣٠٣/ ٢.
(٢) النساء: ٢٤.
(٣) * السفاح: الزنا بدون التزام ولا مداومة. والمخادنة: زناء مع التزام ومداومة. اهـ. تع ابن عاشور.
(٤) البيت الثالث والعشرون من المعلقة، وفيه روايتان: "يسرون" و"يشرون". التبريزي: ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>