للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غرضنا من هذا الكتاب، ولكنّنا سنخص بحثنا هذا بمقاصد الشريعة من أحوال المنوط بهم تنفيذُها في خصوص إيصال الحقوق إلى أصحابها على نحو ما رسمته الشريعة تأصيلاً وتفريعاً. وهؤلاء هم القضاةُ، وأهلُ شوراهم، وأعوانُهم، وما تتألف منه طرق أقضياتهم وهي البينات والرسوم.

وقد بين القرافي في الفرق الثالث والعشرين والمائتين: "أن كل من ولي ولاية الخلافة فما دونها إلى الوصية لا يحل له أن يتصرّف إلا لجلب مصلحة أو درء مفسدة فيكون الأئمةُ والولاةُ معزولين عما ليس بأحسن وما ليس فيه بذل الجهد. والمرجوح أبداً ليس بأحسن وليس الأخذ به بذلاً للاجتهاد" (١) اهـ.

وأقول: ورد في حديث جابر بن عبد الله: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أخذ عليه البيعة شرط عليه: "النصح لكل مسلم" (٢).

وبيَّن القرافي الفرق السادس والتسعين أنه يجب أن يقدَّم في كل ولاية من هو أقومُ بمصالحها على من هو دونه، واستدل على ذلك بأدلة بيَّنة لا حاجة إلى جلبها هنا (٣).


(١) القرافي. الفرق ٢٢٣ بين قاعدة ما ينفذ من تصرّفات الولاة والقضاة وبين قاعدة ما لا ينفذ من ذلك، الفروق: ٤/ ٣٩. وهو قاعدة مستنبطة من قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} الأنعام: ١٥٢.
(٢) انظر ابن حجر. الفتح: الحديث الأول من كتاب الإيمان: ١/ ١٣٩ - ١٤٠، ح ٥٨٠، والحديث الثاني حديث جرير بن عبد الله، قال: "أمّا بعد فإني أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، قلت: أبايعك على الإِسلام"؟ فشرط عليّ: "والنصح لكل مسلم". فبايعته على هذا، ورَبّ هذا المسجد إني لناصح لكم، ثم استغفر ونزل. انظر ٢ كتاب الإيمان, ٤٢ باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الدّين النصيحة"، ح ٢. خَ: ١/ ٢٠.
(٣) القرافي. الفرق ٩٦ بَيْن قاعدة من يتعيّن تقديمه وبين قاعدة من يتعيّن =

<<  <  ج: ص:  >  >>