للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومقصد الشريعة من نظام هيئة القضاء كلَّها على الجملة أن يشتمل على ما فيه إعانةٌ على إظهار الحقوق وقمع الباطل الظاهر والخفي. وذلك مأخوذ من حديث الموطأ:

"أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إنما أنا بشر وإنّكم تختصمون إليّ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجّته من بعض، فأقضيَ له على نحو ما أسمع. فمن قضيت له بحقّ أخيه فلا يأخذْه، فإنّما أقتطع له قطعة من نار" (١).

ففي هذا الحديث دلالة على أن طرق إظهار الحق مختلفة، وأن تلقّي القاضي لأساليب المرافعة أحسنُه ما أعانه على تَبيُّن الحق، وأن القاضي إنما يقضي بحسب ما يبدو له من الأدلة والحجج، وأن على الخصوم إبداءَ ما يوضّح حقوقهم، وأن التّحيّل على الباطل ضلال وملقٍ في النار. وفي حديث الموطأ أيضاً (٢) *: "أن رجلين اختصما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أحدهما: اقض بيننا يا رسول الله بكتاب الله. وقال الآخر وكان أفقهَهما: أجل يا رسول الله فاقض بيننا بكتاب الله وائذن لي أن أتكلم. فقال رسول الله: تكلم" الحديث.

وروى الترمذي وأبو داود عن علي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه إلى


= تأخيره في الولايات والمناصب والاستحقاقات الشرعية، الفروق: ٢/ ١٥٧ - ١٦٣.
(١) انظر ٣٦ كتاب الأقضية، ١ باب الترغيب في القضاء بالحق. طَ: ٢/ ٧١٩. وانظر ٥٢ كتاب الشهادات، ٢٧ باب من أقام البينة بعد اليمين. خَ: ٣/ ١٦٢؛ انظر ٣٠ كتاب الأقضية، ٣ باب الحكم بالظاهر واللحن بالحجة، ح ٣. مَ: ٢/ ١٣٣٧.
(٢) * في كتاب الحدود. اهـ. تع ابن عاشور. وقد تقدم تخريج الحديث ١٠٣/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>