للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نبئت عنها شكلاً فأعجبني، ... والسمع يكفيك غيبة البصر (١)

وأجمل من هذا وذاك قوله:

يا قوم أذني لبعض الحيّ عاشقة ... والأذن تعشق قبل العين أحيانا

قالوا: بمن لا تَرى تهذي؟ فقلت لهم: ... الأذن كالعين تولي القلب ما كانا (٢)

وهذه المعاني المتولدة عن تلك الروح الفياضة هي التي حملت الشيخ ابن عاشور على القول بصحة غرام بشار وعشقه. فقد كان ذا نفس خليعة تحب المجون، وجعل طريقة عشقه حُسن النغمة ورقة المزاج ولين الملمس وحلاوة الحديث. وهو يتوسل بذلك إلى أن يجيد النسيب، فإنه سَدى الشعر ولُحمته. ومما ينبئك بذلك أنك تجده يكثر في نسيبه وصفَ حُسن منطق النِّساء:

وكأنّ رَجْعَ حديثِها ... قِطَعُ الرياض كُسين زهرا (٣)

وإذا كنا ذكرنا أغراضه الشعرية: كالمديح والغزل اللذين تفوّق فيهما أيّ تفوّق، وأبدع فيهما كلّ إبداع، فإن أحاديث الملوك والنقاد، وهم أصحاب علمٍ بالعربية، وثقافةٍ بالشعر في عصره، لتدعونا إلى إرجاع النظر كرّتين لتلمّس إبداعه وفائق مقدرته.

أما المديح فقد سئل أبو عمرو بن العلاء وهو النقادة الخبير بكلام الشعراء، عن أمدح الناس. فقال: هو الذي يقول (يعني بشار) (٤):


(١) ابن عاشور. ديوان بشار: ١/ ٤٤.
(٢) مهدي محمد ناصر الدين. ديوان بشار: ٦١٣.
(٣) ابن عاشور. ديوان بشار: ٤/ ٦٩.
(٤) مهدي محمد ناصر الدين. ديوان بشار: ٢٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>