للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخلا الذباب بها فليس ببارح ... غرداً كفعل الشارب المترنّم

هزِجاً يحك ذراعه بذراعه ... قدح المكب على الزناد الأجذم (١)

ومما له علاقة بقضايا النحو إتيانك بالذي، التي يجاء بها كثيراً على أنك تقدر شيئاً في وهمك ثم تعبّر عنه بالذي. ومثاله قول بشار:

أخوك الذي إن ربْتَه قال: إنما ... أرِبت، وإن عاتبته لان جانبه

يقول الجرجاني: "إنك بهذا قدرت إنساناً هذه صفته وهذا شأنه.

وعرض صاحب دلائل الإعجاز إلى قول بشار:

بكّرا صاحبي قبل الهجير ... إن ذاك النجاح في التبكير

وذكر إنكار خَلف عليه قوله: إن ذاك النجاح في التبكير، واقتراحه استبداله ببكرا فالنجاح في التبكير. وهنا يستوقفنا الإمام عبد القاهر، ويبيّن محل كلمة "إنّ" وموضعها من الجملة في قول بشار هذا (٢).

وقد عدّ حازم القرطاجني مما اختير في المبادي أي من الإبداع في الاستهلال بيت بشار هذا. وذكر معه من البدايات الجميلة مطالع قصائد للنابغة والأعشى والقطامي وأبي تمام والبحتري وغيرهم (٣).

وشاعر كبشار بلغ من العلم ما بلغ، وسبق أهل عصره في إبداعاته ومبتكراته، لم يخل من حاسد أو كائد أو منافس. ومن ثم فإن دواوين الأدب، مهما جمعت له من نصوص تنطق بتفوّقه، وتشهد


(١) الجرجاني: ٦٠٢ - ٦٠٣.
(٢) الشاهد ٢٥١ من خزانة البغدادي.
(٣) منهاج البلغاء وسراج الأدباء: ٣١٢ - ٦١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>