للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له بكونه المخضرم واسطةَ عقد العصر الإسلامي الأول وعصر المولدين، فقد ذكر له خصومه ومن هو قريب من طبقته أبياتاً ضعيفة ومعاني سخيفة لتستوقف الناظر والباحث.

قال خلاد بن مهرويه لبشار: إنك تجيء بالشيء الهجين المتفاوت، بينما تقول شعراً يثير النقع ويخلع القلوب. وقارن مخاطبه بين بيتين له وبين قوله:

إذا ما غضبنا غضبة مضرية ... هتكنا حجاب الشمس أو تمطر الدَّمَا

وقوله:

ربابة ربّة البيت ... تصبّ الخلّ في الزيت

لها عشر دجاجات ... وديك حسن الصوت

فأجاب بشار: لكلّ وجهٍ موضع.

واستغرب بعض النقاد الفارق الكبير بين قوله:

قد زرتنا مرّة في الدهر واحدة ... عودي، ولا تجعليها بيضة الديك

وقوله:

إنما عظمُ سُليمى خُلَّتي ... قصَب السكر لا عظم الجمل

واذا أدنيت منها بصلا ... غلب المسكُ على ريح البصل

فكان بشار في كل ما اعترض به عليه يقول: إنما الشاعر المطبوع كالبحر: مرّة يقذف صدفة ومرة يقذف جيفة.

وممن ابتلي به بشار من الخصوم في عصره إسحاق الموصلي (١). فقد كان يتتبع سقطاته ويضع من شعره وينسب الجميل


(١) ابن عاشور. مقدمة ديوان بشار: ١٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>