للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوجد منه بد. ولم يلزموا أحداً العمل به ولم يحرّموا مخالفته ... وإنما خيّروا بين قبوله وردّه. ولعل هذا الرأي يستند إلى قول الشافعي فيما رواه الإمام أحمد عنه، وقد سأله عن القياس، فقال: عند الضرورة (١).

ولخّص ابن عبد البر، ما يكون به الجمع بين المقالين، بقوله: الرأي المذموم المذكور في الآثار، عن النبي وعن الصحابة والتابعين، هو القول في أحكام شرائع الدين بالاستحسان والظنون، والاشتغالُ بحفظ المعضلات والأغلوطات، وردُّ الفروع والنوازل بعضها على بعض قياساً، دون ردّها إلى أصولها، والنظر في عللها واعتبارها. فاستعمل فيها الرأي قبل أن تُنزَّل، وفُرَّغت وشُقّقت قبل أن تقع، وتُكلم فيها قبلَ أن تكون بالرأي المضارع للظن. وقالوا: ففي الاشتغال بهذا والاستغراق فيه تعطيل للسنن، وبعث على جهلها، وترك الوقوف على ما يلزم الوقوف عليه منها ومن كتاب الله - عز وجل - ومعانيه (٢).

ويقال: إن الشافعي وأحمد اشترطا في القياس شروطاً، وحذّرا من التعبّدية. فالشافعي يقول: لا يقيس إلا مَن جمع الأدلة التي له أن يقيس بها. وهي العلم بكتاب الله: فرضِه وأدبِه، ناسخِه ومنسوخِه، عامِه وخاصِه وإرشادِه. ويستدل على ما احتمل التأويل منه بسُنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فإذا لم يجد سُنة فبإجماع المسلمين، فإن لم يكن إجماع فبالقياس.

وموقف الإمام أحمد في الأخذ بالقياس يؤخذ من قوله في


(١) المسودة: ٣٦٧.
(٢) ابن عبد البر. الجامع: ١٠٥٤/ ف ٢٠٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>