شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (١). وفي هذه الآية العامة في مخاطبة المكلفين ذكرٌ لأصناف الضروريات من دين ومال ونسب ونفس وعقل.
وسلك الإمام الأكبر مسلك الشاطبي في بيان حفظ هذه الكليات الخمس من أصول العقيدة والسلوك. فصوّر حفظ الدين بصورتين:
الأولى: حفظ دين كل أحد من المسلمين من أن يدخل عقيدتَه ما يُفسدها أو يفسد عملَه اللاحق بالدين.
الثانية: حفظ الدين بالنسبة لعموم الأمة. وذلك بدفع كل ما من شأنه أن ينقض أصول العقيدة. وهو ما يرجع إلى حماية البيضة والذب عن الحوزة الإسلامية بإبقاء وسائل تلقّي الدين من الأمة في حاضرها وآتيها.
أما حفظ النفس فمعناه صيانتها من التلف أفراداً وجماعات. والقصاص هو أضعف أنواع حفظ النفوس؛ لأن الأهم من ذلك حفظ النفس من التلف قبل وقوعه كمقاومة الأمراض السارية، ومنع الناس من أن تدركهم العدوى بدخول بلد قد انتشرت فيه أوبئة.
وأما حفظ العقل فتحصينه مما يمكن أن يدخل على عقل الفرد من خلل يفضي إلى فساد جزئي، أو على عقول الجماعات وعموم الأمة من فساد أعظم، سببه تناول المفسدات من مسكر أو حشيش أو أفيون ونحو ذلك.