للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يلجأ بعض العلماء إلى الخطأ حين الاقتصار على اعتصار الألفاظ قصد التوصل إلى استنباط أحكام الشريعة، ويضعف اعتقادهم بأن للفظ وحده أهمية بالغة ودوراً كبيراً في الكشف عن المعنى المراد المنصوص عليه (١).

وبالحرص الكبير على اختيار أنجع الطرق لفهم النصوص الشرعية أبطل الشيخ ابن عاشور مقالات أهل الأهواء الذين أرادوا حمل أتباعهم على الشك في مدلولات النصوص من الكتاب والسُّنة بما أذاعوه بينهم من الاحتمالات العدمية العشرة.

ولفت النظر إلى ما أورده البخاري في كتاب الاعتصام من صحيحه من ضرورة الرجوع إلى المقام، وإلى أحوال الحرمين ومشاهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأحوال المهاجرين والأنصار لفهم الحديث فهماً صحيحاً، وإبطال الشكوك والأوهام العارضة له (٢). ومما يشهد لهذا حديثُ عاصم. قال لأنس بن مالك: "أَبَلَغَك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا حلف في الإسلام؟ قال أنس: قد حَالف النبي - صلى الله عليه وسلم - بين قريش والأنصار في داري التي بالمدينة". يشير بهذا إلى إبطال الحديث المروي عن أم سَلَمة، وعن جبير بن مطعم وعن ابن عباس. وفي هذا ما يحرر مقدار الاعتبار بمذاهب الصحابة فيما طريقه النقل والعمل. فقد كانوا يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا عرضت لهم الاحتمالات، ويشاهدون من الأحوال ما يبصّرهم بمقصد الشارع (٣).

ولاستقصاء النظر في الأدلة وحُسن التعامل معها نبّه الشاطبي في أكثر من مناسبة إلى أن الأدلة العقلية إذا استعملت في هذا العلم


(١) المقاصد: ٨١.
(٢) المقاصد: ٨٢.
(٣) المقاصد: ٨٣ - ٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>