للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنها تستعمل مركبة على الأدلة السمعية، أو مُعِينة فى طريقها، أو محققة لمناطها، أو ما أشبه ذلك، لا مستقلة بالدلالة (١).

ويؤكد ما ذهب إليه هنا بقوله: الأدلة المعتبرة، المستقرأة من جملة أدلة ظنيّة تضافرت على معنى واحد فأفادت فيه القطع، ذلك لأن للاجتماع من القوة ما ليس في الافتراق (٢).

ويزيد هذا تفصيلاً وبياناً بقوله: إن من الكلام ما يدل على مقصده دلالة أصلية، ولكنّه مع ذلك يحتاج إلى مكمّلات ومتمَّمات. وهذه هي الجهة الثانية من الدلالة على مقاصد الكلام. وهي تابعة للأولى مثل الوصف لها (٣).

ومضى الشيخ ابن عاشور على السَّنن نفسه في قوله، يصور النظم القرآني ونسجه: إنك لتمر بالآية الواحدة فتتأملها وتتدبّرها فتنهال عليك معانٍ كثيرة يسمح بها التركيب على اختلاف الاعتبارات في أساليب الاستعمال العربي. وقد تتكاثر عليك فلا تكُ من كثرتها في حَصَر، ولا تجعل الحمل على بعضها منافياً للبعض الآخر إن كان التركيب سمْحاً بذلك (٤).

وقال أيضاً: إن نظم القرآن مبني على وفرة الإفادة وتعدد الدلالة. فجمل القرآن لها دلالتها الوضعية التركيبية التي يشاركها فيها الكلام العربي، ولها دلالتها البلاغية التي يشاركها في مجملها كلام البلغاء، ولا يصل شيءٌ من كلامهم إلى مبلغ بلاغتها. ويتميز نظم القرآن ببلوغه منتهى ما تسمح به اللغة العربية من الدقائق واللطائف لفظاً ومعنى بأقصى ما يراد بلاغه إلى المرسل إليهم (٥).


(١) الموافقات: (٣) ١/ ٣٥.
(٢) الموافقات: (٣) ١/ ٣٦.
(٣) الموافقات: (٣) ٢/ ٦٧ - ٦٨.
(٤) التحرير والتنوير: ١/ ٩٧.
(٥) التحرير والتنوير: ١/ ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>