للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للخطاب. وهو عنصر فعال في توجيه الخطاب صوب مقصد الشارع منه، كما أن من وجوه أهميته رفع التعارض الظاهر بين ألفاظ الخطاب (١).

ويلاحظ من الفصل السادس والسابع من القسم الأول من كتاب مقاصد الشريعة الاهتمام الفائق بمقام التشريع، وتصويره أقوالَ وأفعالَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - صادرةً عن مقامات مختلفة استُدرِك بها على القرافي في فروقه. وقد أورد الشيخ ابن عاشور أمثلة لذلك في الفصلين المذكورين. قدم لها بقوله: ولقد أحببت أن أمثّل في هذا المبحث بأمثلة كثيرة يتجلّى بها للناظر مقدار اعتبار سلف العلماء لهذا الغرض المهم. وفيه ما يعرفك بأن أكثر المجتهدين إصابة، وأكثرهم صواباً هو المجتهد الذي يكون نجاحُه في ذلك بقدر غَوصِه في تطلب مقاصد الشريعة (٢).

ولأجل هذا يتأكد التنبيه على اختلاف المدارك بين المتلقّين للخطاب عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وبين المجتهدين في اعتمادهم على ذلك في استنباط الحُكم الشرعي وتحريره، أو في بيان أي غرض آخر.

ومن أمثلة ذلك:

حديث جابر بن عبد الله وأبي هريرة ورافع بن خديج فيما رووه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من قوله: "مَن كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه، فإن أبى فليمسك أرضه". وفي هذا منعٌ لكراء الأرض للفلاحة ونحوها. وقد خالف في ذلك عبد الله بن عمر. وفاوضَ فيه رافع بن خديج، واستشهد بما كان منه في ذلك على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعهد الخلفاء الراشدين وصدراً من خلافة معاوية من غير نكير. لكنه خشي


(١) إسماعيل الحسيني. نظرية المقاصد: ٣٤٢.
(٢) المقاصد: ٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>