للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسماحتها أشدَّ ملاءمة للنفوس؛ لأنّ فيها إراحة النفوس في حالي خويصتها ومجتمعها. وكان لتلك السماحة أثر عظيم في انتشار الشريعة، وطول دوامها (١).

(٣) وناقش الإمام تفسيرَ الفطرة للرازي قائلاً: إذا تبين الأمر وظهرت الوحدانية، ولم يهتد المشرك، فلا تلتفت أنت إليهم، وأقم وجهك للدين، أي أقبل بكلك على الدين. وقال: إن الله فطر الناس عليه، أي الدين (٢).

وناقش البيضاوي في تفسيره للفطرة: فقوّم له الدين لقوله غير ملتفت أو ملتفت عنه. وهو تمثيل للإقبال واستقامة عليه والاهتمام به. والفطرة التي فُطر الناس عليها قبولهم للحق وتمكّنهم من إدراكه أو ملة الإسلام (٣).

وعقّب الشيخ ابن عاشور على المقالتين بأن الدين في الآية {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا} (٤) ليس تخصيصه بالعقائد إلا انقياداً لظاهر السياق؛ لأن الآيات قبلها وردت في ذم الشرك وإبطال عقائد المشركين والدهريين ابتداء من قوله تعالى: {اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (٥) إلى أن قال: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ}، وظنّهم أن الفاء فاء التفريع. وكلا الأمرين غير ظاهر. فليس سياق الكلام بموجب تجزئة اسم الكل. فإن الدين اسم يشمل جميع ما يتديّن به


(١) المقاصد: ١٩٢ - ١٩٣.
(٢) التفسير الكبير: ١٢/ ١٢٠ - ١٢١.
(٣) أنوار التنزيل: ٥٣٨؛ حاشية الشهاب: ٧/ ١٢١.
(٤) سورة الروم، الآية: ٣٠.
(٥) سورة الروم، الآية: ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>