للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثالث: هي أحق به؛ إذا قام الرضاع على شيء - يعني: من المال - ليس لها ترك رضاع ولدها بعد الاصطلاح عليه، فإن تعاسروا بطلاق؛ لم تكره على رضاعه بلا أجر؛ إلا أن يعرض على الصبي المراضعُ، ولا يقبل مرضعًا، ولا يكون له مال أو لعصبته؛ فتجبر على إرضاعه.

وبه قال الضحاك (١)، والنخعي (٢)، وقرر المعنى الأول - أنها أحق برضاع ولدها وأحق بأن تأخذ ما راد والده أن يسترضع به غيرها -: قتادة (٣).

القول الرابع: يجب ديانةً لا قضاءً، ويجب قضاءً إذا تعينت؛ بأن لم يجد الأب من ترضعه، أو كان الولد لا يأخذ ثدي غيرها.

ولا يجوز استئجار الأم ما دامت زوجة أو معتدة من نكاح حتى يبِنَّ، ولو استأجر امرأته على إرضاع ولده منها؛ فلا أجر لها، وإن أبت الإرضاع؛ كان لها النفقة.

وبه قال الحنفية على الأصح عندهم في ظاهر الرواية وما عليه الفتوى (٤).

القول الخامس: يلزمها رضاع ابنها أحبت أو كرهت بلا أجر، وتجبر عليه؛ إن كانت ممن ترضع في العادة، ويلزمها إن مات الأب ولا مال للصبي، ولا يجوز لها طرح الصبي حينئذ؛ فإن لم يكن لها لبن، ولها مال؛ فالإرضاع عليها في مالها؛ دون النفقة، مع استحباب أن تبذلها، وإن كان للصبي مال حين مات الأب؛ جاز لها أن لا ترضع إذا استُأجر للصبي من ترضعه من ماله؛ إلا أن يُخاف على الصبي أن لا يقبل غيرها؛ فتجبر على رضاعه، وتعطى أجر رضاعها.

ولا تجبر إن كانت شريفة ذات يسار كثير وغنى لم تجر عادة مثلها أن تكلَّف إرضاع ولدها، أو مطلقة طلقة لا يملك الرجعة فيها، أو انقضت عدتها من طلقة رجعية، أو انقطعت نفقة الزوج عنها؛ إلا أن تشاء هي بأجرة المثل مع يسر الزوج؛ فهي أحق برضاعه من غيرها، ولم يكن للأب حينئذ أن يفرق بينها وبين مولودهما ولو وجد من ترضعه باطلًا أو بأقل من


(١) ينظر: عبد الرزاق: المصدر السابق، (٧/ ٦١). ابن أبي شيبة: المصدر السابق، (١٠/ ١٩١). ابن جرير: المصدر السابق، (٤/ ٢٤١، ٢٣/ ٦٥). ينظر: القرطبي: المصدر السابق، (١٨/ ١٦٩).
(٢) ينظر: ابن جرير: المصدر السابق، (٢٣/ ٦٦).
(٣) ينظر: عبد الرزاق: المصدر السابق، (٧/ ٥٨). ابن جرير: المصدر السابق، (٢٣/ ٦٦).
(٤) ينظر: الزمخشري: المصدر السابق، (ص ١٣٥). السرخسي: المصدر السابق، (١٥/ ١٢٧، ١٢٨). ابن عابدين: المصدر السابق، (٣/ ٤٠٣، ٥/ ٣٤٧). وينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٤٣١).

<<  <   >  >>