للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثاني

أثر قارورة الرضاعة في انتشار المحرمية

لم تكن قوارير الرضاعة المعاصرة بدعًا من المصنوعات، بل لها جذور من عصور قديمة؛ فهذا السرخسي شمس أئمة الحنفية في القرن الخامس الهجري يقول: وفي تجويز ما يحلب بالقوارير فساد؛ لأنه يوجر به الصبيان فتثبت به حرمة الرضاع بينهم وبين من كان اللبن منها، ولا يعلم ذلك ا. هـ بتصرف يسير (١)، وهذا منه - رحمه الله - من باب سد الذرائع، فإذا أمكن ضبط الأمور؛ لم يعد للتحريم معنًى.

وقد نص ابن حزم على أن ما يشربه الصبي من لبن المرأة عن طريق الإناء، أو ما يحلب في فيه فيبلعه؛ مما لا يتحقق فيه مادة المص المباشر بفم الراضع من ثدي المرضع؛ لا يحرم شيئًا، ولو كان ذلك غذاءه دهره كله. (٢)

واستدل لذلك بأنه لا يسمى إرضاعًا إلا ما وضعته المرأة المرضعة من ثديها في فم الرضيع؛ يقال: أرضعته ترضعه إرضاعًا، ولا يسمى رضاعة، ولا إرضاعًا إلا أخْذُ المرضع أو الرضيع بفيه الثديَ وامتصاصُه إياه؛ تقول: رضع يرضع رضاعًا ورضاعة، وأما كل ما عدا ذلك؛ فلا يسمى شيء منه إرضاعًا، ولا رضاعة ولا رضاعًا؛ إنما هو حلب وطعام وسقاء، وشرب وأكل وبلع، وحقنة وسعوط وتقطير، ولم يحرم الله عز وجل بهذا شيئًا. (٣)

ونوقش بما يأتي: أ- إنكم قستم ذلك على الرضاع والإرضاع. (٤)


(١) ينظر: السرخسي: المصدر السابق، (١٥/ ١٢٦).
(٢) ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ٩).
(٣) ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ٩).
(٤) ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ٩).

<<  <   >  >>