للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأقرب إلحاق الحليب الصناعي بالحليب الطبَعي في حكم النضح من بول الغلام؛ لأنه يسمى حليبًا، وقد كان من عادة النبي - صلى الله عليه وسلم - تحنيك الأطفال بالتمر عند ولادتهم (١)، ولا يخلو من ذلك وأمثاله مولود غالبًا، فإذا أكل الطفل الطعام وأراده واشتهاه؛ بحيث لا يسد الحليب جوعته؛ لم يجزئ النضح من بوله.

المسألة الرابعة: إرضاع الطفل الحليبَ الحيواني.

نص بعض فقهاء الحنابلة على كرهة إرضاع الصبي من حليب البهيمة (٢)، وعللوا لذلك بأن من رضع من بهيمة؛ كان به بلادة البهيمة؛ إذ كان الرضاع يغير الطباع (٣)؛ قال البهوتي ت ١٠٥١ هـ: "بل يكاد أن يكون ذلك محسوسًا". (٤)

بينما يشير فقهاء المذاهب الأخرى إلى هذه المسألة لممًا عند الكلام على مسائل أخرى؛ كالمعقود عليه في الظئر المستأجرة، فحين قرر الحنفية أن المعقود عليه هو منفعة الثدي من اللبن؛ قالوا: لو ربت الظئر الصغير بلبن الأنعام؛ لم تستحق الأجر ولو قامت بمصالحه؛ لأن اللبن هو المقصود من العقد، وليس هو تبعًا (٥)؛ فأنت ترى تمثيلهم بإرضاع الرضيع من لبن الأنعام دون نكير منهم.

وكذلك فعل أبو محمد ابن قدامة ت ٦٢٠ هـ حين قال: ومتى لم ترضعه - أي: الظئر المستأجرة -، وإنما أسقته لبن الغنم، أو أطعمته؛ فلا أجر لها؛ لأنها لم توف المعقود عليه، فأشبه ما لو اكتراها لخياطة ثوب؛ فلم تخطه ا. هـ (٦)؛ فانظر كيف عطف عموم الطعام - والأصل فيه الجواز - على لبن الغنم، وقاسه على مباح، وهو الخياطة.


(١) ينظر مثلًا: البخاري: المصدر السابق، (كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - باب هجرة النبي وأصحابه إلى المدينة - ٥/ ١٥٨)، برقم (٣٩٠١).
(٢) ينظر: المرداوي: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٨٥). البهوتي: المصدر السابق، (١٣/ ١١٠).
(٣) ينظر: المرداوي: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٨٥). البهوتي: المصدر السابق، (١٣/ ١١٠).
(٤) ينظر: البهوتي: المصدر السابق، (١٣/ ١١٠).
(٥) ينظر: السرخسي: المصدر لسابق، (١٥/ ١٢٥، ١٢٦).
(٦) ابن قدامة: المصدر السابق، (٨/ ٧٤).

<<  <   >  >>