للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثاني

أحكام آلات امتصاص الحليب

وفيه فرعان:

الفرع الأول

حكم تصنيع آلات امتصاص الحليب

حكم تصنيع آلات امتصاص الحليب جارٍ على الإباحة؛ كما هي في أصل الأشياء؛ لعموم قول الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [سورة البقرة: ٢٩]، وما أخبر الله بذلك إلا لأن الأرض وجميع ما فيها لبني آدم منافع سوى ما ورد في الشرع المنع منه لضرره (١)، وآلات امتصاص الحليب من خلقه.

الفرع الثاني

حكم استخدام آلات امتصاص الحليب

في هذا الفصل عنونت المسألة الأولى في المطلب الرابع من المبحث الرابع بضابط الرضاع المحرم من حيث طريقة وصول الحليب إلى الرضيع، وانتهى المطاف هناك بترجيح ما قال به عامة العلماء (٢)، وهو اعتبار وصول الحليب إلى المعدة؛ سواء ارتضع الصبي من الثدي التقامًا أو حلب له اللبن، خلافًا لابن حزم الذي اشترط امتصاص الراضع من ثدي المرضعة بفيه ليكون الرضاع محرمًا (٣)، وأن ما يسقاه الصبي من لبن المرأة عن طريق الإناء، أو غيره؛ مما لا تتحقق فيه مادة المص المباشر بالفم من ثدي المرضع؛ لا يحرم شيئًا، ولو كان ذلك غذاءه دهره كله (٤)، وهذا مرجوح عند عامة العلماء؛ لأن عموم النصوص المثبتة للتحريم من لبن الآدمية لا تفرق بين طريقة أو أخرى، ولأن الحليب إذا وصل إلى الجوف فقد تحقق معنى الغذاء الذي يقع به نشوز العظم ونبات اللحم، وهذا المعنى هو الذي نصبه الشارع سببًا للتحريم، ومن ثمَّ فلا تأثير لطريق حصوله؛ لأن العبرة بالحقائق والمعاني.

وكان من ثمار هذه المسألة المطلب الآتي، وهو:

المطلب الثالث

أثر آلات امتصاص الحليب في انتشار المحرمية

إن الآدمية إذا أرضعت الطفل مما حلبت من ثديها بواسطة آلات امتصاص الثدي المعاصرة؛ فإنه يثبت به التحريم في قول الجمهور، خلافًا لا بن حزم، كما تقدم قريبًا.


(١) ينظر: ابن جرير: المصدر السابق، (١/ ٤٥٣). ابن سعدي: القواعد والأصول الجامعة والفروق والتقاسيم البديعة النافعة، ضمن مجموع مؤلفات السعدي (٧/ ٧٨).
(٢) ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (٤/ ٤٠١ - ٤٠٢، ٤١٤). القرافي: المصدر السابق، (٤/ ٢٧٦). الحطاب: المصدر السابق، (٤/ ٥٧٧). النووي: المصدر السابق، (٩/ ٦). ابن قدامة: المصدر لسابق، (١١/ ٣١٣).
(٣) ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ٩).
(٤) ينظر: المصدر السابق.

<<  <   >  >>