للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما قد قرر الحنفية أن صبيةً لو أرضعها أكثر أهل قرية، ثم لم يُدر من أرضعها، فأراد أحد أهل القرية أن يتزوجها؛ جاز له بشرطين:

الأول: أن لا تظهر علامة، ومثال العلامة: أن تتردد امرأة ذات لبن على محل فيه صبية، أو كونها ساكنة فيه.

الثاني: أن لا يشهد بذلك. (١)

ويمكن أن يستدل لهم بأن الأصل عدم ثبوت التحريم بالرضاع؛ فلا يُنْتَقل عن الأصل بشك.

وقد أثمر ذلك في عدم ثبوت التحريم من ألبان البنوك التي لا تثبت نسبة الحليب إلى صاحبته.

[المسألة الرابعة: قطرة الحليب.]

صورة المسألة: لو وقعت قطرة في فم المرتضع، واختلطت بريقه، ثم وصل إلى جوفه؛ فهل يثبت تحريم معها؟

تطرق بعض فقهاء الشافعية إلى هذه المسألة، وكان لهم فيها مسلكان:

المسلك الأول: إذا غلب الحليبُ الريقَ اعتبر محرمًا (٢)، وهو ما ذهب إليه سعيد ابن المسيب (٣).

المسلك الثاني: يحرِّم مطلقًا. (٤)

والظاهر أن قطرة حليب الآدمية وما جرى مجراها لاتؤثر في ثبوت التحريم، ولا يعتبر بها عدد؛ لأنها ليست غذاءً للرضيع؛ كالعفافة، ويؤيد ذلك ما روي عن عن عمر بن الخطاب؛ أنه سئل: ما يحرم من الرضاع؟ فكتب: إنه لا يحرم منها: الضرار، والعفافة، والملجة؛ فالضرار:


(١) ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (٤/ ٤٠٢).
(٢) ينظر: النووي: المصدر السابق، (٩/ ٦).
(٣) ينظر: عبدالرزاق: المصدر السابق، (٧/ ٤٦٨).
(٤) ينظر: النووي: المصدر السابق، (٩/ ٦).

<<  <   >  >>