للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث العاشر

الاعتماد على قول الأطباء في استخدام الوسائل الحديثة

المطلب الأول

حكم الاعتماد على قول الأطباء في استخدام الوسائل الحديثة

إن الطب في وجهة نظر الشرع الإسلامي له اعتبار من حيث التعرف على المصالح والفاسد بالنسبة للإنسان, ولذا يقول عز الدين ابن عبدالسلام: "الطب كالشرع؛ وضع لجلب مصالح السلامة والعافية، ولدرء مفاسد المعاطب والأسقام"، ويقول أيضًا: "والذي وضع الشرع هو الذي وضع الطب؛ فإن كل واحد منهما موضوع لجلب مصالح العباد ودرء مفاسدهم" (١)، وقد أمر الله تعالى بسؤال أهل الذكر، فقال سبحانه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [سورة النحل: ٤٣]، والعبرة بعموم اللفظ، وإن كان أعلى أنواع العلم هو العلم بكتاب الله المنزل؛ إلا أن أهل الذكر في باب التداوي هم الأطباء (٢)، وهذا إنما يتجه إلى من كان أهلًا من الأطباء الموثوقين؛ لأنه لا يحل للطبيب ولا لمن معه أو الصيدلي أن يقدموا على شيء في صدد التطبيب حتى تتوافر فيهم الأهلية التامة المشترطة طبيًّا وفق الأصول المتبعة عند أهل الاختصاص بمراحلها التفصيلية؛ لأنه إذا لم يكن كذلك صار بمثابة الجاني المعتدي على جسد المريض (٣).

ولهذا؛ فإنه يقع على عاتق الطبيب في كل مرحلة من مراحل العلاج مسؤولية كبيرة في سماع كلام المريض والرفق به واللين معه، وفي تبصير المريض أو وليه عند الاقتضاء في طبيعة مرضه وأبعاده، ومدى خطورته، واحتمالات العلاج الممكنة، ونسبة احتمال نجاحها - ولو على حساب مصلحة الطبيب الدنيوية -؛ بشكل كافٍ وواضح يمكن المريض من قبول العلاج أو رفضه، ثم يشير عليه باختيار الأصلح والأخف ضررًا؛ لقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا


(١) ينظر: عز الدين بن عبدالسلام: قواعد الأحكام في مصالح الأنام (١/ ٤ - ٦). عادل الصاوي: المصدر السابق, (ص ٩٠).
(٢) ينظر ابن سعدي: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ضمن مجموع مؤلفات السعدي (٢/ ٦٢٣).
(٣) ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (١/ ٣٩٧، ٢/ ٥٦٥). النووي: المصدر السابق، (١/ ١٠٣، ٢٣٧، ١٠/ ١٧٠). د. محمد المختار الشنقيطي: أحكام الجراحة الطبية (ص ٧٤ - ٧٥، ١٤٧ - ١٤٨).

<<  <   >  >>