للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الرابعة: إلغاء المدد في مقابل المتابعة.]

صورة المسألة: إذا أرضع المولود في الحولين - على المرجح في المدد -، وكان رضاعه متتابعًا، ولم تتِم رضاعه خمسًا - على الراجح في العدد - إلا بعد الحولين؛ فهل يحرِّم عند من يشترط مدة للرضاع الذي يثبت به التحريم؟ (١) اختلف الفقهاء في ذلك على ما يأتي:

القول الأول: يحرم إذا كانت الرضعة الأخيرة التي يثبت بها التحريم مع كمال المدة؛ إذا لم يتقدمه كمالها، والمعنى: أن مدة الرضاع إن كملت قبل اكتمال العدد المثبت للتحريم، ولم يكن في أثناء اكتماله رضاع؛ لم يحصل التحريم.

وهو مذهب الشافعي (٢).

القول الثاني: لا يثبت التحريم، ولو لم يفطم.

وهو المذهب عند الحنابلة (٣).

والظاهر أن المتابعة تلغي اعتبار المدة المقدرة شرعًا للتحريم الرضاعي إزاء الرضيع إذا لم يفطم؛ لأن ما قارب الشيء يعطى حكمه، وحليب المرضعة لا يزال معه وصف سد جوعة الرضيع حيث لم يفطم، كما أن الحول الثاني لا يعتبر فيه التحريم الرضاعي إذا استغنى الرضيع بالطعام بحيث لم يعد الحليب يسد جوعته؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الرضاعة من المجاعة" متفق عليه (٥).

فإن قيل: علة التحريم الرضاعي في الشريعة هي كون الرضيع في الحولين الأوَّلين من أعوام حياته، وأما سد جوعة الرضيع فلا تعدو أن تكون حكمة لا وصفًا معرِّفًا للحكم؛ كما أن


(١) ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (٦/ ٨٣).
(٢) ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (٦/ ٨٤).
(٣) ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣٢١).
(٤) تقدم تخريجه عند الضابط الثامن من المبحث الثالث في التمهيد.

<<  <   >  >>