للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثامنًا: الاستدلال على سقوط حق أم الولد في رضاع ولدها متى باعها سيُّدها أو وهبَها أو زوجها:

١ - إن حضانتها سقطت، وعلى هذا سقط حقها من الرضاع. (١)

- الترجيح: قد تبين مما تقدم أن عامة العلماء يوجبون إرضاع الطفل؛ لكن يختلفون فيمن يعلق عليه حكم الوجوب؛ هل هو أبو (٢) المولود أو أمه؟ ومن أوجبها على الأم اختلفوا في القدر الواجب؛ هل هو مقصور على اللبأ أو إذا خشي هلاكه أو امتنع عن المراضع وما عدا ذلك فوجوب الرضاع مناط بأبي المولود؟ أو حتى يستغني عن الرضاع بتمام الحولين أو قبيلهما إن كان الفطام عن مشورة وثم تراضٍ من أم المولود وأبيه؟ واختلفوا فيما يقابل ذلك على أبي الرضيع؛ هل هو النفقة المعتادة أو أجرة بعقد؟

والحق الذي يجب المصير إليه من الأقوال: إيجاب رضاع المولود على المولود لها ما قدرت على ذلك، ولو قصَّر أبو المولود في النفقة؛ لأن التقصير في النفقة على المرضع ممن أسندت إليه، لا يبيح لها التقصير فيما أوجب الله عليها، ولأن "المرأة في بيت زوجها راعية، ومسؤولة عن رعيتها" رواه البخاري (٣)، ولو لم يكن الرضاع واجبًا على المولود لها ما هم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنهي عن الغيلة - يعني: مجامعة المرضع - لولا ما رأى من الدليل الواقعي المحسوس عند الروم وفارس أنها - أي: الغيلة - لا تضر أولادهم في الرضاع من أمهاتهم (٤)، ولأنه إذا تقرر أنه ليس للمتربصة في عدتها بطلاق رجعي تركُ الاعتداد إذا لم يلتزم زوجها بالنفقة، بل يجب عليها المضي في ذلك حتى يقضي الكتاب أجله، فهكذا ليكن على المرضعة إرضاع صبيها ولو لم تكن ثم نفقة.


(١) ينظر: البهوتي: المصدر السابق، (٣/ ٢٤٣).
(٢) لا تحذف العلامة الإعرابية الحرفية (الواو) إلا عند النطق؛ لالتقاء الساكنين.
(٣) ينظر: البخاري: المصدر السابق، (كتاب الوصايا وغيره - باب تأويل الله تعالى {من بعد وصية توصون بها أو دين} - ٤/ ١٤)، برقم (٢٧٦٨)؛ من طرق، بألفاظ مقاربة.
(٤) مسلم: المصدر السابق، (كتاب النكاح وإجابة الداعي - باب في الغيلة والعزل - ٤/ ٦٩)، برقم (١٤٦٤)؛ من طريق خلف بن هشام، ويحيى بن يحيى - واللفظ له -؛ عن مالك بن أنس، عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، عن عروة، عن عائشة، عن جدامة بنت وهب الأسدية؛ أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لقد هممت أن أنهى عن الغيلة؛ حتى ذكرت أن الروم وفارس يصنعون ذلك، فلا يضر أولادهم".

<<  <   >  >>