للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأنساب، وهاهنا شرع الرضاع سببًا للتحريم؛ حكمةَ كونه يغذي حتى يصير جزء المرأة الذي هو لبنها جزء المرضع؛ كما صار منيُّها وطمثها جزءًا من الولد في النسب، فإذا حصلت المشاركة؛ حصلت البنوة (١)، وهؤلاء لم يروا في انتفاء مادة التقام الثدي موجبًا لنفي التحريم في حُقَن الحليب الدُّبُريَّة، وهو ما انتهى إليه رأي الجمهور. (٢)

[المسألة الرابعة: اشتراط وصول اللبن على صفة واحدة.]

صورة المسألة: إذا اختلفت طرق تناول المرتضع من حليب مرضعته؛ فالتقم من ثديها في بعض المرات، وأوجرته أو أسعطته أو حقنته في مرات أخرى؛ فهل يثبت بهذه الرضعات مختلفةِ الهيئات تحريم عند من يقيد ثبوت التحريم بعدد؟ أو يشترط لثبوت التحريم أن تكون الرضعات على صفة واحدة في جميع الدفعات؟

والجواب: هو أنه لا يشترط وصول اللبن أن يكون على صفة واحدة لإثبات التحريم به، بل لو ارتضع في بعضها بفيه من الثدي مباشرة، وأوجر في بعضها، وأسعط في بعضها حتى تم العدد - على اختلاف تقديره عند من يقول بمادة العدد -؛ ثبت التحريم؛ لأن مدار التحريم على وصول اللبن إلى الجوف؛ حيث مظنة تغذي الجسم به، وقد جعلوا السعوط وغيره كالرضاع من الثدي مباشرة في أصل التحريم، فكذلك في إكمال العدد (٣).

وهو مقتضى قول الحنفية (٤)، ومذهب الشافعي (٥)، وقول الشافعية (٦)، ومذهب الحنابلة (٧).


(١) ينظر: القرافي: المصدر السابق، (٤/ ٢٧٦).
(٢) ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (٤/ ٤٠١ - ٤٠٢، ٤١٤). النووي: المصدر السابق، (٩/ ٦). القرافي: المصدر السابق، (٤/ ٢٧٥ - ٢٧٦). الحطاب: المصدر السابق، (٤/ ٥٧٧). ابن قدامة: المصدر لسابق، (١١/ ٣١٣).
(٣) ينظر: شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٣٧ - ٢٣٨).
(٤) ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (٤/ ٤١٤).
(٥) ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (٦/ ٨٣، ٨٩).
(٦) ينظر: النووي: المصدر السابق، (٩/ ٨).
(٧) ينظر: شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٣٧).

<<  <   >  >>