للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني

أهمية الاجتهاد في بيان أحكام النوازل

الإنسان يتسم بالحيوية والنشاط؛ لأنه كائن حي متحرك، ومن العادي أن يحدث له أو يحدث هو أمورًا مستجدة لم تعرف فيمن قبله مما يعتاز إلى حكم، وأفعال العباد جميعًا محكوم عليها في الشرع أمرًا ونهيًا، وإذنًا وعفوًا. (١)

وأدلة الشرع؛ من كتاب وسنة، وما تفرع عنهما؛ محيطة بأحكام الحوادث في صغير الأمور وكبيرها، ودقيقها وجليلها؛ يقول الحق تعالى: {اليَومَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ورَضِيتُ لَكُمُ الإسْلَامَ دِينًا} [سورة المائدة: ٣].

فما من نازلة إلا في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - حكمها؛ علم ذلك من علمه، وجهله من جهله؛ إذ كانت الشريعة ثرَّةً في مصادرها، لا ينضب معينها في نصوصها إذا أخذت بعمومها وعللها ومقاصدها، ومن أعانه الله فكان خبيرًا بذلك لم يعوزه حكم النازلة مهما استجدت. (٢)

والاجتهاد ممكن في كل عصر؛ حيث لم يقفل بابه, وقد تيسرت أسبابه وموجباته في هذا الزمن بما لم يكن في الزمن الأول؛ فبُينت آيات الأحكام ومواضعها وفُسرت, وجُمعت السنة


(١) ينظر: الشاطبي: المصدر السابق، (١/ ١٠٨).
(٢) ينظر: ابن قاسم: المصدر السابق، (٢٨/ ١٢٩).

<<  <   >  >>