للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الرابع

أثر استخدام مدرات الحليب في انتشار المحرمية

من المناسب في مستهل هذا المطلب بيان أدلة الكتاب والسنة وما انعقد عليه إجماع الأمة في التحريم بالرضاع، وكونه مانعًا من موانع النكاح.

فمن الكتاب قول الحق تبارك وتعالى: {حُرِّمَّتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُّكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخْوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [سورة النساء: ٢٣]، فهذه الآية صريحة في أن المحرم بسبب الرضاع اثنان, وهما: الأم, والأخت, ومع كون المحرمات بالرضاع سبعًا نظير المحرمات بالنسب (١)، إلا أن الله سبحانه وتعالى اقتصر منهن على الأم والأخت؛ لدلالتهما على البقية, وذلك؛ لأنه إذا تقررت المحرمية في الرضاع بنحو ما يحرم من النسب - كما تقدم في الحديث (٢) -، فإن المحرمات بالنسب قسمان؛ قسم بالولادة, والآخر بالأخوة؛ أما الأول فيدخل تحته الأم والبنت, وأما الآخر فخمسة أصناف, وهي: الأخت, والخالة, والعمة، وبنت الأخ, وبنت الأخت؛ فاقتصر من الأول على الأم, وهي تدل على البنت, وحيث حرمت الأم بالوالدية فلْتحرم البنت بالمولودية, واقتصر من الصنف الثاني على الأخت؛ لأنها عنوان باقيه؛ إذ العمة أخت الأب,


(١) وقد جاء النص على كونهن سبعًا عن ابن عباس من غير وجه. ينظر: ابن جرير: المصدر السابق، (٦/ ٥٥٤).
(٢) وهو قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" متفق عليه، وقد تقدم تخريجه عند الضابط الثاني من ضوابط المبحث الثالث في التمهيد.

<<  <   >  >>