للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن ترضع المرأة الولدين كي تحرم بينهما، والعفافة: الشيء اليسير الذي يبقى في الثدي، والملجة: اختلاس المرأة ولد غيرها فتلقمه ثديها. (١)

وقد أثمر ذلك في: بنوك الحليب؛ إذا أُرضع طفل عيِّنةً يسيرة بغرض الاختبار، أو أضيفت قطرة ونحوها مع حليب آدمية أخرى؛ فإن كل ذلك لا يحرِّم شيئًا.

[المسألة الخامسة: الرضاع بعد الفطام.]

صورة المسألة: إذا أرضعت امرأةٌ صبيَّها ثم فطمته؛ فهل يحرِّمُ لبنها شيئًا بعد فطام ولدها الذي ثاب اللبن عن ولادته؟

تطرق بعض المالكية إلى هذه المسألة، وأثبتوا له التحريم، وقالوا: هو من زوجها. (٢)

واستدلوا لذلك بأن اللبن بسبب وطء الزوج. (٣)

وقد تقدم في مسألة رضاع البكر وغيرها ممن لا يثوب اللبن فيه عن حمل (٤)؛ أن مقتضى حمل نصوص الشريعة في الباب على ما تسعه من المعاني وتقتضيه من المقاصد اعتبار كل لبن آدمية تُسَدُّ به جوعة الرضيع، وتفتق به أمعاءه، وتشدُّ عظامه، وفي المرفوعات المتفق عليها: "الرضاعة من المجاعة" (٥)، فما سد جوعة الرضيع من ألبان الآدميات من دون أن يجتمع معه غيره من الطعام؛ كان موجبًا للتحريم، ولو كان الحليب من بكر أو آيس؛ فضلًا عمن ثاب لبنها عن حمل.

وقد أثمر ذلك في إثبات التحريم من ألبان بنوك الحليب، ولو كان من بكر، أو آيسة؛ فضلًا عمن كان ثوبان لبنها عن حمل، ثم أعطته بنك الحليب إبان فطام ولدها.


(١) ينظر: عبد الرزاق: المصدر السابق، (٧/ ٤٧٠)، برقم (١٣٩٣١)؛ من طريق ابن جريج، عن ثور - هو أبو زيد -، عن عمرو بن شعيب؛ أن سفيان بن عبد الله كتب إلى عمر يسأله: ما يحرم من الرضاع؟ فكتب إليه ما تقدم. ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ١٤)؛ معلقًا على عبد الرزاق، عن ابن جريج؛ به.
(٢) القرافي: المصدر السابق، (٤/ ٢٨٠).
(٣) ينظر: القرافي: المصدر السابق، (٤/ ٢٨٠).
(٤) ينظر المطلب الرابع من المبحث الأول في هذا الفصل.
(٥) تقدم تخريجه عند الضابط الثامن من المبحث الثالث في تمهيد هذا البحث.

<<  <   >  >>