- الترجيح: الراجح هو القول الخامس؛ لأن المعنى الذي نصبه الشارع سببًا للتحريم -
وهو الاغتذاء، ومن أماراته: سد الجوعة، ونبات اللحم، واشتداد العظم - متحقق فيما خلط من المحلوبات بالماء، ولو سمي بغير الحليب؛ لأن العبرة بالحقائقِ والمعاني لا الألفاظِ والمباني، فمتى فقد الحليب مسماه؛ بانتفاء إحدى الأوصاف الثلاثة - وهي: اللون، والطعم، والرائحة -؛ لم يعد محرِّمًا؛ لأنه ليس حليبًا.
- ثمرة الخلاف: ترتب على الخلاف في هذه المسألة أثر في الفروع الآتية:
١ - إذا صنع بحليب الآدمية طعام، وترتب على صنعه خلط الماء معه، وبقيت أوصاف الحليب المعتادة من لون ورائحة وطعم؛ ثبت به التحريم؛ كالحليب المجفف.
٢ - إذا خلط الحليب المجفف بالماء في قارورة الرضاعة ليتناوله الرضيع حليبًا سائلًا؛ ثبت به التحريم.
- سبب الخلاف: يرجع سبب الخلاف في هذه المسألة إلى الخلاف في مسائل، منها:
١ - اشتراط بقاء اللبن على هيئته حال انفصاله عن الثدي لثبوت التحريم به. (١)
فمن اشترط ذلك - وهو أبو حنيفة تخريجًا على بعض آرائه -؛ لم يثبِت التحريم باللبن إذا لم يبق على حالته التي انفصل عليها من الثدي؛ كما لو خلط بالماء، ومن لم يشترط ذلك - وهم الجمهور -؛ أثبت التحريم ولو طرأ تغير أو اختلاط، ولم يكن خلطه بغيره مانعًا عندهم من تعلق الحرمة.
[المسألة الثانية: اختلاط الحليب بالطعام.]
صورة المسألة: إذا اختلط بحليب المرضع طعام؛ كما لو ثرد في الحليب طعام، أو عجن به دقيق، وخبِز؛ فهل لا يزال التحريم متعلقًا بالحليب بعد خلطه بالطعام؟
اختلف الفقهاء في ذلك على أقوال:
القول الأول: لا يتعلق به التحريم وإن كان اللبن غالبًا؛ إذا وجدت الشروط الآتية:
(١) ينظر: النووي: المصدر السابق، (٩/ ٤).