للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الخامسة: اشتراط لبن يعرف للمرضع مثله.]

صورة المسألة: إذا أقر رجل أن امرأةً أمُّه من الرضاعة أو ابنتُه من الرضاعة، ولم ينكح واحدة منهما؛ فهل يشترط لذلك أن يمكن الرضاع عادةً بحيث يعرف لمن نسبت إليها الرضاعة لبن؟

صرح الشافعي والحنابلة بهذا الشرط، وهو أن تكون المرأة التي يزعم أنها أمه ولدت، أو كان لها لبن يعرف للمرضع مثله (١)، أو أن يكون للمرضع سن يحتمل أن يرضع مثلها مثله، وبشرط الإمكان عادةً قال الحنابلة أيضًا (٢)، واستدلوا على ذلك بما يأتي:

١ - ألا ترى أنه لو قال لرجل أكبر منه: هذا ابني وصدقه الرجل؛ لم يكن ابنه أبدًا. (٣)

٢ - ألا ترى أنه لو قال رجل هو أصغر منه: هذا أبي، وصدقه الرجل، ولا نَسب لواحدٍ منهما يعرف؛ لم يكن أباه. (٤)

٣ - إنه أقر بما تحقق كذبه فيه (٥)، فأشبه ما لو قال: أرضعتني وإياها حواء، أو كما لو قال: هذه حواء، وما ذكروه تنتقض بهذه الصور. (٦)

وهذه المسألة تعود إلى عدم اعتبار الإقرار أو الشهادة التي تخالف الحس، أو العرف الظاهر، ولكن نسب إلى صاحِبَيْ أبي حنيفة عدم اشتراط الإمكان عادةً لقبول إقرار الرضاع؛ لأنه أقر بما يحرمها عليه، فوجب أن يقبل، كما لو أمكن (٧)، ولم أجد ذلك في كتبهم وكتب أتباعهم التي وقفت عليها.

وقد أثمر ذلك في أن من وافقه الإقرار بالرضاع من الرجال والنساء، والمرضع المنسوب إليها الأمومة في الإقرار لم تلد، أو ولدت مولودًا أصغر منه، فكان مثلها لا يرضع لمثله بحال،


(١) ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (٦/ ٩٦ - ٩٧).
(٢) ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣٤٤). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٧٧). البهوتي: المصدر السابق، (١٣/ ١٠٥ - ١٠٦).
(٣) ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (٦/ ٩٧).
(٤) ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (٦/ ٩٧).
(٥) ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣٤٤). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٧٧). البهوتي: المصدر السابق، (١٣/ ١٠٦).
(٦) ينظر: شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٧٧). البهوتي: المصدر السابق، (١٣/ ١٠٦).
(٧) ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣٤٤). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٧٧).

<<  <   >  >>