للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: إذا كان للوالدة لبن يضر بالمولود؛ كما لو كانت مصابة بالإيدز، أو مدخِّنة، أو تتعاطى المخدرات، أو الكحول، أو الأدوية التي تضر باللبن؛ فيُسترضع له غيرها.

ثالثًا: لا يجوز للمصابة بالإيدز إرضاع الطفل السليم؛ إلا أن يخشى على الأخير الهلاك بترك الرضاع، فإن أرضعته عالمةً بمرضها لغير ضرورة أو مشورة طبيب متعمدةً الإضرار به عُدَّت جناية منها، وانتشرت الحرمة به (١).

رابعًا: يجوز للمصابة بفيروس الإيدز إرضاع الرضيع المصاب بالفيروس نفسه إذا كان ذلك لا يزيد من نشاط الفيروس في جسد الرضيع.

خامسًا: يجوز إرضاع المصاب بفيروس الإيدز من مرضع سليمة ولو اشترك مع الرضيع المصاب رضيع آخر سليم؛ إذا راعت المرضع الاحتياطات اللازمة، وغلب على الظن عدم انتقال المرض إليها أو إلى الرضيع السليم.

المطلب الثاني

أثر رضاع المصابة بالإيدز في انتشار المحرمية

انعقد الإجماع على أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب؛ إذا لم يكن ثَمَّ ضرار، أو قصْد إيقاع التحريم. (٢)

والضرار المستثنى عند بعض الفقهاء هو ما يمكن أن يعامل مريده بنقيض قصده، فيبطل حكم الرضاع معه؛ كما لو أراد التفريق بين رجل وزوجته الصغيرة بأن ترضع الصغيرة أم الزوج أو أخته، أما الضرر الذي لا يمكن أن يبطل معه الضرر المقصود؛ كانتقال المرض، فغير مراد هنا؛ كما لو أرضعت مصابةٌ بالإيدز رضيعًا بقصد إضراره، فانتقل المرض إليه.

فإذا خرج حليب المصابة بالإيدز بأوصاف الحليب المعتادة وخصائصه؛ فهو ناشر للحرمة؛ حيث وجد المعنى الذي نصبه الشارع سببًا للتحريم، وهو الغذاء.


(١) ينظر في تأصيل هذه المسألة: المطلب الآتي.
(٢) ينظر: الترمذي: الجامع الكبير (٢/ ٤٤٠). ابن المنذر: الإجماع (ص ٤١). ابن حزم: مراتب الإجماع في العبادات والمعاملات والاعتقادات (ص ١٢٠). ابن رشد: بداية المجتهد ونهاية المقتصد (٢/ ٣٥). القرافي: المصدر السابق، (٤/ ٢٧٠). ابن حجر: فتح الباري (١١/ ٣٧٤). البهوتي: المصدر السابق، (١٣/ ٧٧). ابن قاسم: مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية (٣٤/ ٣١).

<<  <   >  >>