للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الضابط السابع: لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء. (١)

توضيحه أنه لا يحصل بسبب الرضاع حرمة شرعية ما لم يصل الحليب إلى جوف الرضيع ويسد جوعته؛ بحيث يشق الأمعاء وينزل إليها ويقع موقع الغذاء؛ فلا يكون قليلًا، وذلك أن الفتق هو الفتح والشق (٢)، وأمعاء الصبي تكون ضيقة لا تحتمل الطعام، وفتقها إنما هو باللبن الذي تحصل به كفاية مجاعته. (٣)

ومن هنا يتبين أن رضاع الصغير هو الذي يفتق الأمعاء، لا رضاع الكبير؛ لأن أمعاء الصغير تكون ضيقة لا يفتقها إلا اللبن؛ لكونه من ألطف الأغذية كما وصفه الله تعالى في كتابه المجيد، فقال: {لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلَّشَّارِبِينَ} [النحل: ٦٦]، فأما أمعاء الكبير فمنفتقة لا تحتاج إلى الفتق باللبن. (٤)

ويظهر ارتباط هذا الضابط بالذي قبله في اتفاقهما على اعتبار مادة الصغر، وذلك أن الرضاع الذي يسد الجوع لا يكون إلا للرضيع الصغير الذي لم يألف الطعام، ومظنته الحولان للطفل الذي لم يستغن بالطعام، ولذلك؛ كان من إطلاقات الفقهاء على هذا الضابط: لا رضاع إلا ما فتق الأمعاء وكان قبل الفطام. (٥)


(١) أصله خبر مروي سيأتي تخريجه إن شاء الله تعالى عند بيان أدلة الضابط.
(٢) ابن فارس: المصدر السابق، (ص ٧٢٧).
(٣) ينظر: الماتريدي: تأويلات أهل السنة (٣/ ٩٢). البيضاوي: تحفة الأبرار (٢/ ٣٥٥). ابن عثيمين: المصدر السابق، (١٣/ ٤٣١).
(٤) ينظر: الكاساني: بدائع الصنائع (٣/ ٤٠١).
(٥) ينظر: ابن القيم: زاد المعاد (٥/ ٥٧٧ - ٥٨١). العظيم آبادي: عون المعبود (ص ٩١٨).

<<  <   >  >>