للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثاني: يحرم.

وبه قال بعض المالكية؛ كابن مطرف، وابن يونس (١)

- الأدلة: استدل بعض أصحاب الأقوال بأدلة، وهي على ما يأتي:

أدلة القول الأول: استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:

١ - إن اللبن المستهلك لا يغذي (٢)؛ فلا هو بالمنبِت لحمًا، أو المنشز عظمًا. (٣)

ونوقش بما يأتي: أ- عدم التسليم؛ لأن لبن الحيوان يحصل آخر الغذاء مما خالطهما، وإن كثر المخالط. (٤)

وأجيب عنه: بأن الحرمة لا تقع بدمها، ولا لحمها، وإن أغذيا الولد إجماعا، وأن الكبير يغذى باللبن، ولا يحرمه. (٥)

ويمكن أن يجاب عنه أيضًا: بأنه قياس مع الفارق.

- الترجيح: الراجح هو القول الأول؛ لأن الهالك لا حكم له.

[المسألة السابعة: تغير الحليب.]

صورة المسألة: إذا تغير الحليب عن هيئته التي كانت حال انفصاله عن الثدي؛ كما لو تغير بحموضة، أو انعقاد، أو إغلاء؛ فهل يثبت به تحريم؟ تطرق بعض فقهاء الشافعية إلى هذه المسألة، وقرروا ثبوت التحريم به (٦)؛ لوصول اللبن إلى الجوف، وحصول التغذية به. (٧)

وقد أثمر ذلك في حليب الآدمية إذا غُلِيَ ليكون لبنًا رائبًا، أو جبنًا، أو بغرض تجفيفه ليكون حليبًا مسحوقًا، أو ليزبد ثم يصير سمنًا، أو ليُتخذ أقطًا؛ فلا يعارض كل ذلك الأصل الشرعي في ثبوت التحريم بألبان الآدميات.

ويتبين مما تقدم النتيجة الآتية: إذا صنع بحليب الآدمية طعام، وترتب على صنعه أن يخلط معه ماء، أو طعام، أو أن يترك حتى يتخمر، أو غلي بالنار، وبقيت أوصاف الحليب المعتادة من لون ورائحة وطعم؛ ثبت به التحريم؛ كاللبن، والزبادي، والسمن، والزبدة، والحليب المجفف، والجبن، والأقط، أما إذا لم تبق أوصاف الحليب؛ فلا يثبت به التحريم؛ كما لو استهلك الحليب في ماء كثير، أو خبز، أو سليق، أو جريش.


(١) ينظر: القرافي: المصدر السابق، (٤/ ٢٧٦).
(٢) ينظر: القرافي: المصدر السابق، (٤/ ٢٧٦).
(٣) ينظر: البهوتي: المصدر السابق، (١٣/ ٨٨).
(٤) ينظر: القرافي: المصدر السابق، (٤/ ٢٧٦ - ٢٧٧).
(٥) ينظر: القرافي: المصدر السابق، (٤/ ٢٧٧).
(٦) ينظر: النووي: المصدر السابق، (٩/ ٤).
(٧) ينظر: النووي: المصدر السابق، (٩/ ٤).

<<  <   >  >>