للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - لقومه: {وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا} [سورة الممتحنة: ٤]، ؛ لم يجوِّز أن يؤجِّر المسلم نفسه من غير المسلم، ومن قصر مفهوم الموالاة المحرمة على المظاهرة والمناصرة في الدين، وكشف عورات المسلمين؛ دون أن يتعدى ذلك إلى المصانعة في الدنيا والمخالقة (١)؛ لم ير بأسًا في أن يؤاجرَ المسلمُ عملَ نفسه لغير المسلم؛ وفق مقتضى التخريج.

٢ - هل قبول المؤمنة استرضاع الكافرة لولدها منها على سبيل الإجارة من السبيل الذي قال الله تعالى فيه: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [سورة النساء: ٩]؟

فمن قصر محل الحكم المنفي في الآية المجيدة على يوم القيامة (٢)؛ لم ير بأسًا في استرضاع الكافرةِ المسلمةَ لولدها إجارةً، ومن عدى الحكم إلى الحياة الدنيا؛ لم يجوز ذلك إن اقتضاه معنى السبيل عنده، وهذا على ما اقضاه التخريج الفقهي.

[المسألة العاشرة: الرضاع في دار الحرب.]

تطرق بعض فقهاء الحنفية إلى الرضاع في دار الحرب، وقرروا أن الرضاع في دار الإسلام ودار الحرب سواء (٣).

وقد أثمر ذلك فيما يأتي:

١ - لو أسلم مرتضع في بلاد الكفر المحاربين، وخرج إلى دارنا - أي: دار الإسلام -؛ ثبتت له أحكام الرضاع فيما بينهم. (٤)

٢ - إذا كان بنك الحليب في بلاد الكفار الحربيين؛ لم يمنع ذلك من ثبوت التحريم فيما بين من يرتضع فيه من أطفال المسلمين وأمهاتهم المرضعات هناك، ويستوي في ذلك إرتضاع أطفال المسلمين من هناك مباشرةً، أو بطريق استيراد الحليب بطلب من البنوك المحلية للمسلمين.


(١) ينظر: ابن جرير: المصدر السابق، (٥/ ٣١٥ - ٣٢٠).
(٢) ينظر: ابن جرير: المصدر السابق، (٧/ ٦٠٩ - ٦١١).
(٣) ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (٤/ ٣٩٩).
(٤) ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (٤/ ٣٩٩).

<<  <   >  >>