للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - نكاح الكتابيات؛ فمن كرهه تخلفًا لشرط أو سدًّا لذريعة - كمالك (١) -؛ كان ذلك سببًا في كراهته لألبانهن، ومن أجرى حكم الله تعالى في كتابه على ظاهره في قوله: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [سورة المائدة: ٥]- وهم الجمهور (٢) -؛ لم يلتفِت إلى العوارض الأخرى أمام العمومات القاضية بإثبات التحريم من الرضاع على غرار ما يثبت من الولادة.

[المسألة السادسة: رضاع الحمقاء أو سيئة الخلق أو الزنجية.]

نص فقهاء الحنفية (٣) الحنابلة (٤) على كراهية الارتضاع بلبن الحمقاء أو سيئة الخلق أو الزنجية، ويستدلون على ذلك بما يأتي:

١ - ما روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -نهى أن تسترضع الحمقاء؛ فإن اللبن يشبه. (٥)


(١) ينظر: سحنون: المصدر السابق، (٥/ ٩٨).
(٢) ينظر: الجصاص: المصدر السابق، (٤/ ٢٧٦). الشافعي: المصدر السابق، (٦/ ٤٠٧). ابن قدامة: المصدر السابق، (٩/ ٥٤٥). ابن حزم: المصدر السابق، (٩/ ٥٧٩). المهدي: خلاصة الكلام في تفسير آيات الأحكام (٢/ ٧١٤).
(٣) ينظر: السرخسي: المصدر السابق، (١٥/ ١١٩). الكاساني: المصدر السابق، (٤/ ١٩).
(٤) ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣٤٦). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٨٤). المرداوي: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٨٥). البهوتي: المصدر السابق، (١٣/ ١٠٩).
(٥) أبو داود: المراسيل (باب في النكاح - ص ١٤٢)، برقم (٢٠٧)؛ من طريق الحسن بن الصَّبّاح، عن إسحاق - هو ابن عيسى - ابن بنت داود بنِ أبي هند من خير الرجال - الوصف بالخيرية من قول الحسن فيما قرره ابن القطان الفاسي في بيان الوهم -، عن هشام بن إسماعيل المكي، عن زياد السهمي؛ به مرفوعًا، ومن طريقه: البيهقي: السنن الكبير (كتاب الرضاع - باب ما ورد في اللبن يشبَّه عليه - ١٦/ ٤٥)، برقم (١٥٧٧٩)؛ من طريق أبي بكر محمد بن محمد، عن أبي حسين الفسوي، عن أبي علي اللؤلؤي، عن أبي داود؛ به، ثم أردف: هذا مرسل ا. هـ، وهو مورَدٌ عنده في السنن الصغير مرسلًا عن زياد السهمي (٣/ ١٨٠)، برقم (٢٨٧٤). البزار: المصدر السابق، (١٨/ ١٠٣)، برقم (٤٢/ ١٩)؛ من طريق زيد بن أخزم أبي طالب الطائي، عن عبد القاهر بن شعيب، عن عكرمة بن إبراهيم, عن هشام بن عروة , عن أبيه , عن عائشة؛ رفعت الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أهاب رفعه؛ قال: "لا تسترضعوا الحمقاء؛ فإن اللبن يورث"، ثم أردف: وهذا الحديث لا نحفظه مرفوعًا إلا من هذا الوجه، وعكرمة بن إبراهيم لين الحديث، وقد احتُمل حديثه ا. هـ، وتعقبه الألباني، وأبو إسحاق الحويني؛ فقال الألباني: كذا قال، وهو معارض برواية الطبراني المتقدمة؛ لكن، لعله يعني بهذه الزيادة ا. هـ، وقال الحويني: رواية الطبراني تردُّ ما قلتَ، وروايتك تردُّ ما قاله، ولم يتفرَّد به عكرمة كما رأيت ا. هـ العقيلي: المصدر السابق، (٢/ ٤٤٧)؛ من طريق بشر بن موسى، عن الحميدي، عن سفيان، عن الزبير بن إسماعيل الهاشمي، عن زياد بن إسماعيل السهمي؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يسترضع بلبن الحمقاء، وقال: "اللبن يشبه عليه"، ثم أردف: لا يتابع عليهما، ولا يعرفان إلا به ا. هـ الطبراني: المعجم الأوسط (١/ ٢٧)، برقم (٦٥)؛ من طريق أحمد بن إبراهيم، عن سليمان بن عبد الرحمن، عن الحكم بن يعلى بن عطاء المحاربي، عن أبي معمر عباد بن عبد الصمد التيمي، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه؛ "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن رضاع الحمقاء"، ثم أردف: لم يروه عن سالم بن عبد الله إلا أبو معمر، ولا عن أبي معمر إلا الحكم بن يعلى؛ تفرد به: سليمان بن عبد الرحمن ا. هـ، المعجم الصغير (ص ١٢٥)، برقم (١٣٧)؛ من طريق أحمد بن عمرو الزنبقي البصري، عن زكريا بن يحيى المنقري، عن الأصمعي، عن أبي أمية بن يعلى الثقفي بصري، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة؛ به مرفوعًا، بلفظ: "لا تسترضعوا الورهاء"، ثم أردف: قال الأصمعي: سمعت يونس بن حبيب يقول: الورهاء: الحمقاء، لم يروه عن هشام إلا أبو أمية، واسمه إسماعيل؛ تفرد به الأصمعي سفيان ا. هـ، وتعقبه الألباني، وأبو إسحاق الحويني؛ فقال الألباني: كلا؛ فقد تابعه عكرمة بن إبراهيم، عن هشام، وزاد في متنه: فإن اللبن يورث ا. هـ، وقال الحويني: لم يتفرَّد به أبو أُمية، فتابعه عكرمة بن إِبراهيم؛ فرواه عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة؛ رفعت الحديث إِلي النبي - صَلى الله عَليه وسلم -، وأنا أهابُ رفعه؛ قال: "لا تسترضعوا الحمقاء، فإِن اللَّبن يورث" ا. هـ ابن عدي: المصدر السابق، (٦/ ١٠٩، ٨/ ٤٤٨)؛ من طريق محمد بن عمرو بن عبد العزيز العسقلاني، عن أبي صالح، عن عمرو بن خليف الحتاوي، عن محمد بن مخلد الرعيني - حمصي يكنى أبا أسلم -، عن نعيم - أو يَغْنَم - بن سالم بن قنبر؛ عن أنس بن مالك؛ به مرفوعًا، بلفظ: "لا ترضعْ لكم الحمقاء؛ فإن اللبن يعدي". وصوب الخطابي التخفيف في لفظة "يشبه"، وقد أورده بعض المعاصرين في مؤلفاتهم، بلفظ: "لا تسترضعوا الحمقاء ولا العمشاء, فإن اللبن يعدي"، وهو ما لم أجده في شيء من دواوين السنة؛ إلا ما ورد في كتاب الفردوس لأبي شجاع معلقًا على أنس برقم (٧٣٩٩)، ولفظ: لَا تسترضعوا أَوْلَادكُم الرشح، وَلَا العمش؛ الرشح: الَّتِي لحم عجزها قَلِيل، والعمش: جمع عمشاء ا. هـ
وأعل بما يأتي:
العلة الأولى: بهشام بن إسماعيل المكي؛ مجهول.
العلة الثانية: الإرسال.
ونوقشت هذه العلة: بأنه أسند.
وأجيب: بأن الذي أسنده يتهم بالوضع، وهو عمرو بن خليف الحتَّاوي - نسبةً إلى حتاوة؛ قرية بعسقلان -.
العلة الثالثة: جهالة زياد السهمي. =

<<  <   >  >>