للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٨ - الابن من الرضاع بالمحرمات؛ لأنها حرمت بالمصاهرة المقيدة في الآية الكريمة بالصلب، لا بالنسب الذي يحرم من الرضاع ما يحرم منه.

بيد أنه عند التدقيق يتبين أن كل ما تقدم إلا الأخيرين يجمعه ما تقرر من كون أصول المرضع وحواشيه لا يحرُمون على مرضعته وزوجها - إن وجد -، ولا على فروع مرضعته وزوجها، ولا على أصولهم وحواشيهم، وإنما يحرم على هؤلاء بالرضاع فروع الرضيع فحسب.

وهذا ما نص عليه محققوا فقهاء الشافعية؛ حيث قالوا: لا حاجة إلى استثنائها؛ لأنها ليست داخلة في الضابط "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب والصهر"؛ لأن أم الأخ لم تحرم لكونها أم أخ، وإنما حرمت لكونها أمًّا أو حليلة أب، ولم يوجد ذلك في المستثنى الأول، وكذا القول في باقيهن (١)، وقال ابن حجر ٨٥٢ هـ: وفي التحقيق لا يستثنى شيء من ذلك ا. هـ (٢)

المطلب الأول

حدود علاقة الرجل مع المحرمات عليه بالرضاع

لما كان الإنسان مهيأ للخير والشر بفطرته، وكان حب النفس والتأثر بالهوى كامنًا في طبيعته؛ ضبطت له الشريعة الإسلامية ما يصلحه، وكفلت أمر هذا الضبط لأناس اختصهم الله من بين عباده؛ ملكهم زمام العلوم، وأنار أفئدتهم بإدراك مقاصد الأمور، وفقههم فيما ترك لهم من مجالات الاجتهاد والبحث، وقد تحصل من اجتهاد الفقهاء في البحث عن الحِكَم الحاصلة من التحريم بالرضاع أن التمسوا منها ما يأتي:

١ - إن اللبن جزء المرضعة وضع في الرضيع، فأشبه منيه في النسب. (٣)

٢ - إنه مقتضى الفطرة السليمة، ومألف الطباع السوية؛ التي تأنف أن تكون المرضعة فراشًا. (٤)


(١) ينظر: النووي: المصدر السابق، (٧/ ١١٠ - ١١١).
(٢) ابن حجر: المصدر السابق، (١١/ ٣٧٦).
(٣) الصاوي ٤١٤ - ٤١٥ في كتاب الهرمونات وعزاه لمغني المحتاج والمبسوط
(٤) ينظر: د. محمد عقله: نظام الأسرة في الإسلام (٣/ ٤١١). د. فرج علي السيد عنبر: شروط الرضاع المحرم (ص ٢٣).

<<  <   >  >>