للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الثانية: خلط حليب الآدمية بالحليب الحيواني.

تطرق بعض الفقهاء إلى مسألة اختلاط حليب المرأة بحليب الشاة من حيث استمرار صفة التحريم في لبن الآدمية، وقد اختلفوا في ذلك على ما يأتي:

القول الأول: إذا غلب حليب المرأة؛ تعلق به التحريم، وكذا إذا استويا، وإن غلب حليب الشاة؛ لم يتعلق به التحريم.

وبه قال الحنفية (١).

القول الثاني: إذا غلب حليب المرأة تعلق به التحريم، ولم ينصوا على حالة الاستواء، والظاهر أنها لا تحرم عندهم؛ لعدم تحقق قيد الغلبة.

وبه قال المالكية (٢).

- الأدلة: استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:

١ - إن الاعتبار للغالب، كما في الماء (٣)، ولغير المغلوب أيضًا، كما إذا تساوى؛ لأنه ليس مستهلكًا. (٤)

- الترجيح: الراجح ثبوت التحريم من حليب الآدمية المخلوط بالحليب الحيواني غالبًا كان أو مغلوبًا؛ إذا بقي مسمى الحليب بعد الخلط؛ لعموم النصوص المثبتة للتحريم من لبن الآدمية، ولأن الحليب المخلوط إذا وصل إلى الجوف فقد تحقق معنى الغذاء الذي يقع به نشوز العظم ونبات اللحم بوصول، وهذا المعنى هو الذي نصبه الشارع سببًا للتحريم؛ كما لو فصل هذا الحليب المخلوط وشرب لوحده.

- ثمرة الخلاف: ترتب على الخلاف في هذه المسألة أثر في الفروع الآتية:

١ - إذا خلط الحليب الصناعي الحيواني بحليب الآدمية الواحدة (٥)، وكان قدر الأخير يصلح أن يكون رضعة واحدة مشبعة لو انفرد عما خلط معه؛ ثبت التحريم بحليب الآدمية إذا بلغ العدد المجزئ.

المسألة الثالثة: بول الغلام الرضيع الذي لم يأكل الطعام إذا تغذى على الحليب الصناعي.

أثار هذه المسألة الشيخ د. عبد العزيز الراجحي في شرحه عمدةَ الفقه؛ حيث قاس الحليب الصناعي على الطعام في وجوب الغسل وعدم إجزاء النضح، فيقول: بول الغلام الذي لم يأكل الطعام يكفي فيه النضح، والمعنى: صب الماء عليه فقط من دون رش أو فرك، إذا كان لم يأكل الطعام فيكفي النضح، وهذا خاص بالغلام الذكر, أما الأنثى فلا بد من غسله؛ فلا يكفي النضح، وكذلك إذا أكل الغلام الطعام, أو كان يشرب من الحليب الصناعي ويتغذى به فلا بد من غسله، وإن كان لم يأكل الطعام ويرضع من حليب أمه فيكفيه النضح، وكذلك بول الأنثى لا بد من غسله على كل حال ا. هـ (٦)، وقد وافقه الشيخ عبد المحسن الزامل (٧).

وفي المقابل رأى بعض المعاصرين إلحاق الحليب الصناعي بالطَّبعي في حكم النضح بجامع عدم تطرق شهوة الطعام للصبي في كلٍّ، ورجح بعض أصحاب هذه الوجهة الغسل في معنى النضح لا مجرد الرش؛ مثل معالي الشيخ أ. د. سعد الخثلان. (٨)


(١) ابن عابدين: المصدر السابق، (٤/ ٤١١ - ٤١٢). الميداني: المصدر السابق، (٤/ ٨٤).
(٢) ينظر: الحطاب: المصدر السابق، (٤/ ٥٧٥).
(٣) ينظر: الميداني: المصدر السابق، (٤/ ٨٤).
(٤) ابن عابدين: المصدر السابق، (٤/ ٤١٢).
(٥) ينظر في تأصيل مسألة أخرى مشابهة لهذه المسألة في بعض جوانبها: المسألة الثانية من المطلب السادس في المبحث الثالث من هذا الفصل، وهي مسألة خلط حليب الآدمية بحليب آدميات أخر.
(٦) د. عبدالعزيز الراجحي: شرح عمدة الفقه (١/ ١٧).
(٧) المكتبة الشاملة: أرشيف ملتقى أهل الحديث تاريخ ٢٢/ ١١/١٤٣٦ هـ:
http://www.almoslim.net/rokn_elmy ٢/show_question_main.cfm? id=١٥٤٩١
(٨) المكتبة الشاملة: أرشيف ملتقى أهل الحديث تاريخ ٢٢/ ١١/١٤٣٦ هـ:
http://www.almoslim.net/rokn_elmy ٢/show_question_main.cfm? id=١٥٤٩١

<<  <   >  >>