للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجوف؛ صبًّا في الحلق أو الأنف، أو التقامًا للثدي، أو غير ذلك، ولعل رضاع سالم - كما في صحيح مسلم (١) - كان هكذا. (٢)

كما يمكن أن يناقش دليلهم بما يأتي: ج- إن هذا تخصيص للحكم الشرعي بالعرف اللغوي، والعرف الشرعي يقدم عليه إذا تعارض معه.

- الترجيح: الراجح أن الحليب الذي يدخل إلى الجسم من طريق الإحليل أو المثانة بأنبوب ونحوه لا يثبت به التحريم؛ لأن النصوص المثبتة للتحريم من لبن الآدمية لم تُجْرِ حكمَ التحريم حتى يتحقق المعنى الذي نصبه الشارع سببًا للتحريم، وهو معنى الغذاء الذي يقع به نشوز العظم ونبات اللحم، والجهاز البولي المتمثل في الكليتين والمثانة والحالبين والإحليل لا منفذ له إلى الجهاز الهضمي، وكذلك الشأن في الرحم والمهبل؛ لأنهما منفصلان كليًّا عن الجهاز الهضمي (٣)، وليس الجهاز البولي بمحل للاغتذاء، ولا يتعيش الجسم بما يُقطَّر في الإحليل، والأصل المتيقن منه عدم ثبوت التحريم بالرضاع؛ فلا يُنتقل منه بمشكوك.

[المسألة الرابعة: نفاذ الحليب من العين.]

صورة المسألة: إذا خلط حليب الآدمية بكحل نفّاد؛ كالمر، والصبر، والعنزروت، ثم كحل به صبي في عينه؛ فهل يثبت في ذلك تحريم؟

بحث طائفة من الفقهاء هذه المسألة، وانتهوا فيها إلى ما يأتي من الأقوال:

القول الأول: يقع التحريم من الحليب المستعمل في الكحل

وبه قال المالكية (٤).

القول الثاني: لا يقع به تحريم.

وبه قال عطاء (٥) وابن حزم (٦).


(١) سيأتي تخريجه في المسألة السادسة من هذا المطلب.
(٢) ينظر: المازري: الصدر السابق، (٢/ ١١٠). القاضي عياض: المصدر السابق، (٤/ ٦٤٠).
(٣) ينظر: د. عبد المجيد الشاعر: المصدر السابق، (ص ٢٩٦ - ٣٠١). حسان شمسي: التداوي والمفطرات ضمن مجلة مجمع الفقه الإسلامي (١٠/ ٧٥٤).
(٤) ينظر: القرافي: المصدر السابق، (٤/ ٢٧٥). الحطاب: المصدر السابق، (٤/ ٥٧٥).
(٥) ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ١٠).
(٦) ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ٩).

<<  <   >  >>