للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - إن هذا ليس برضاع، ولا يحصل به التغذي؛ فلم ينشر الحرمة، كما لو وصل من جرح. (١)

٣ - إنه لا يسمى إرضاعًا إلا ما وضعته المرأة المرضعة من ثديها في فم الرضيع؛ يقال: أرضعته ترضعه إرضاعًا، ولا يسمى رضاعة، ولا إرضاعًا إلا أخذُ المرضع أو الرضيع بفيه الثديَ وامتصاصُه إياه؛ تقول: رضع يرضع رضاعًا ورضاعة، وأما كل ما عدا ذلك؛ فلا يسمى شيء منه إرضاعًا، ولا رضاعة ولا رضاعًا؛ إنما هو حلب وطعام وسقاء، وشرب وأكل وبلع، وحقنة وسعوط وتقطير، ولم يحرم الله عز وجل بهذا شيئًا. (٢)

ونوقش بما يأتي: أ- إنكم قستم ذلك على الرضاع والإرضاع. (٣)

وأجيب عنه: بأن القياس كله باطل، ولو كان القياس حقًّا لكان هذا منه عين الباطل، وبالضرورة يدري كل ذي فهم أن الرضاع من شاة يشبه الرضاع من امرأة؛ لأنهما جميعًا رضاع، والرضاع من الشاة يشبه الرضاع من المرأة أكثر من الرضاع بالحقنة، ومن الرضاع بالسعوط، وأنتم لا تحرمون بغير النساء؛ فلاح تناقضهم في قياسهم الفاسد، وشرعهم بذلك ما لم يأذن به الله عز وجل. (٤)

ويمكن أن يناقش الجواب: بقول الله تعالى {وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخْوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [سورة النساء: ٢٣]، وغير بني آدم لا يصير لبني آدم أمًّا، ولا أخًا في الجنس، فضلًا عن الرضاعة.

ب - إن قولكم هذا مخالف لما دلت عليه نصوص الشريعة التي تعتبر ما فتق الأمعاء من الألبان محرِّمًا؛ في مثل المرويات الآتية: "إنما الرضاع ما فتق الأمعاء" رواه أصحاب السنن (٥)، "إنما الرضاعة من المجاعة" متفق عليه (٦)، وهذا يوجد في اللبن الواصل إلى


(١) ينظر: البهوتي: المصدر السابق، (١٣/ ٨٤).
(٢) ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ٩).
(٣) ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ٩).
(٤) ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ٩).
(٥) تقدم تخريجه عند الضابط السابع من المبحث الثالث في التمهيد.
(٦) تقدم تخريجه عند الضابط الثامن من المبحث الثالث في التمهيد.

<<  <   >  >>