للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أجرة المثل؛ إلا أن لا يكون عنده ما يفي بأجرة المثل؛ فيخيرها، وإن كان معدمًا؛ لم يلزمها؛ إلا أن لا يقبل المولود غيرها، فتجبر حينئذ على الرضاع، أو أبت أن ترضع بما ترضع به غيرها؛ فلا حق لها، وكل من لا يلزمها الإرضاع فرضاع المولود على أبيه؛ كما لو أصابها عذر يمنعها منه عاد الإرضاع على الأب؛ من انقطاع درٍّ، أو شُغُل بمرض، أو إصابة بعلة.

وهو المشهور من قول مالك (١) وإن كانت الرواية عنه مضطربة (٢)، وعليه مذهب المالكية (٣)، واستثنى بعض أصحابه لزوم الرضاع على الأم إن مات الأب ولا مال للصبي، وجعل رضاعه في بيت المال (٤).

القول السادس: يجب أن ترضعه اللبأ بأجرة وبدونها، ويجب أن ترضعه ما بعد اللبأ إن انفردت، أو لم يوجد إلا أجنبية، ولها طلب الأجرة على أبي الرضيع في اللبأ إن كان لمثله أجرة وفيما بعد اللبأ ولو كانت في عصمته، واللبأ هو اللبن أول الولادة ومدته يسيرة (٥) , ولو وجد أب الرضيع متبرعة بإرضاعه أو ترضى بدون أجرة المثل نزعه من أمه ودفعه إلى المتبرعة لترضعه؛ إن لم تتبرع أمه بإرضاعه، أو طلبت فوق أجرة المثل.

ولا تجبر هي على إرضاعه إذا امتنعت وإن كانت في نكاح أبيه أو بائنةً إن وُجدت مرضعة أجنبية، وسواء كانت ممن يرضع الولد مثلها في العادة أم لا، فإن تبرعت المفارَقة بالرضاع لم يكن للأب المنع، أو طلبت أجرة المثل فهي أولى من الأجنبية بأجرة المثل، وإن طلبت أكثر من أجرة المثل لم يلزمه الإجابة، وإن رغبت الأم في الإرضاع بأجرة المثل وهي في نكاح أبي الرضيع؛ فليس له منعها، ثم إن لم يكن له مال فتجب على الأب كالنفقة، ولا يزاد في نفقة الزوجة للإرضاع وإن احتاجت فيه إلى زيادة الغذاء، وإذا أخذت الأم الأجرة سقطت نفقتها إن منع من الاستمتاع.


(١) ينظر: سحنون: المصدر السابق، (٥/ ٩٨ - ١٠٠). ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٤٣١).
(٢) ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ٤٣٢). القرطبي: المصدر السابق، (٣/ ١٦١).
(٣) ينظر: القرطبي: المصدر السابق، (١٨/ ١٦٩). القرافي: المصدر السابق، (٤/ ٢٧٠ - ٢٧٢).
(٤) ينظر: القرطبي: المصدر السابق، (٣/ ١٦١).
(٥) والمعول عليه عندهم في مدة اللبأ: العرف، وقيل بالتحديد؛ ثلاثة أيام، وقيل: سبعة، والوجهة الثالثة من الآراء رد أصحابها مدة اللبأ إلى أهل الخبرة، وهو الأولى والأدق. ينظر: الجمل: فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب (٤/ ٥١٤).

<<  <   >  >>