للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حكم معه لأي وطء أو ما في حكمه؛ يقع من زنا، أو شبهة، أو إكراه، أو تلقيح الصناعي، أو غير ذلك؛ فمهما كان شيء من ذلك فإن الولد للزوج الذي ولد على فراشه؛ لأن الحقيقة الواقعية العلمية ليست بالضرورة هي الحقيقة الشرعية؛ فالشرع يحكم بالظاهر، والحقيقة علمها عند الله سبحانه، والرضاع لا يحرم منه إلا ما يحرم من النسب.

ولكن يشكل على هذا: أن الولد من الواطئ بشبهة لا ينتسب إلى الذي تزوجها بعد الولادة قطعًا، ولذلك لم يكن المولد ابنًا للزوج الأخير؛ لأنه لم يولد في فراشه، والرضاع فرع عن الانتساب.

ويشكل عليه أيضًا: أن الأصل عدم ثبوت التحريم بالرضاع، ولا ينتقل عن هذا الأصل إلا بيقين، وهذه مسألة مشتبهة، ولا يحرم بالرضاع مع الشك شيء.

- ثمرة الخلاف: ترتب على الخلاف في هذا المسألة أثر في فروع، منها:

١ - إذا استؤجر رحم عزباء لتزرع فيه بويضة ملقحة بعد عقد نكاح صوري مشتبه من الذي لقحت البويضة بمائه لم يرجع فيه إلى المستأجر رحمها، ثم تزوجت بآخر بعد ولادتها وفراقها منه، وأرضعت صبيًّا أجنبيًّا وهي في عصمة الآخر الذي لم تلد منه؛ كان الصبي ابنًا للواطئ بشبهة في قول الجمهور، خلافًا للشافعية في قول عندهم.

المسألة الخامسة: اللبن الثائب مِن زِنا.

صورة المسألة: أن ترضع الزانية بنتًا من اللبن الثائب عن حملٍ ووضْعٍ من ماء مَن زنت به. (١)

اختلف الفقهاء في اللبن من وطء الزنا؛ من حيث تعلق المحرمية به، والجهات التي تتعلق بها المحرمية عند من قال بمادة المحرمية تعلقًا بلبن الزنا؛ على ما يأتي:

القول الأول: لبن الزنا كالحلال؛ يَحرُم من أُرْضِعَ به على الزاني وآبائه وأبنائه - وإن سفلوا -.

وهو إحدى الروايتين عند الحنفية (٢)، وقول أبي بكر عبد العزيز من الحنابلة (٣).


(١) ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (٤/ ٤١٦).
(٢) ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (٤/ ٤١٦ - ٤١٧).
(٣) ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣٢١). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢١٨ - ٢١٩). البهوتي: المصدر السابق، (١٣/ ٨١).

<<  <   >  >>