للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القاعدة الثانية: يدفع الشر الكبير بارتكاب الشر الصغير. (١)

ويعبر عنها أيضًا بالكلمات الآتية: إذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمهما ضررًا بارتكاب أخفهما (٢)، دفع أعظم الضررين بارتكاب أخفهما (٣)، يُختار أهون الشَّرين، الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف، يدفع أعظم الضررين بارتكاب أخفهما، تحتمل أخف المفسدتين لدفع أعظمهما، إذا اجتمع مكروهان أو محظوران أو ضرران ولم يمكن الخروج عنهما وجب ارتكاب أخفهما (٤)، تقدم المصلحة الغالبة على المفسدة النادرة ولا تترك لها، دفع أعلى المفاسد بأدناها (٥).

والمقصود أن الشريعة جاءت لمنع المفاسد، فإذا وقعت المفاسد؛ وجب دفعها ما أمكن، وإذا تعذر درء الجميع لزم دفع الأكثر فسادًا فالأكثر، وذلك يكون بمراعاة أكبر المصلحتين، وتفويت أدناهما؛ لأن القصد تعطيل المفاسد وتقليلها بحسب الإمكان؛ فإذا اضطر إنسان لارتكاب أحد الفعلين الضارين، دون تعيين أحدهما، مع تفاوتهما في الضرر أو المفسدة؛ لزمه أن يختار أخفهما ضررًا ومفسدة؛ إذ كان مراعاة أعظم الضررين بإزالته، لأن المفاسد تراعى نفيًا، والمصالح تراعى إثباتًا (٦)، فأنت ترى قتل الغلام في قصة موسى مع الخضر شرًّا، ولكن بقاءه حتى يفتن أبويه عن دينهما أعظم شرًّا منه، وإن كان يظن أن بقاءه خير، فالخير ببقاء دين أبويه، وإيمانُهما خير من حياته؛ فلذلك قتله الخضر (٧)، وكذلك في بول الأعرابي في


(١) السعدي: المصدر السابق، (٢/ ٦٨١).
(٢) د. محمد مصطفى الزحيلي: القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة (١/ ٢٢٦). الفوزان: منحة العلام في شرح بلوغ المرام (١/ ٦٧).
(٣) ينظر: د. محمد مصطفى الزحيلي: المصدر السابق، (١/ ٢٢٦). الفوزان: المصدر السابق، (١/ ٦٧).
(٤) د. محمد مصطفى الزحيلي: المصدر السابق، (١/ ٢٢٦).
(٥) د. محمد مصطفى الزحيلي: المصدر السابق، (١/ ٢٣٠).
(٦) د. محمد مصطفى الزحيلي: المصدر السابق، (١/ ٢٢٦).
(٧) ينظر: السعدي: المصدر السابق، (٢/ ٦٨١).

<<  <   >  >>