للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مفسدة، والاستمرار عليه مفسدة, وقد حصل ذلك, لكن كون الرجل يقوم من بوله مفسدة أكبر؛ لما يترتب عليه من مفاسد, وهي:

١ - تضرر هذا الرجل بقطع بوله واحتباسه.

٢ - إنه يؤدي إلى تلوث ثيابه وبدنه.

٣ - إنه يؤدي إلى تلوث مكان أكبر من المسجد. (١)

ودليل هذه القاعدة ما يأتي: (٢)

١ - قول الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} [سورة البقرة: ٢١٧]؛ فبين الله تعالى أن مفسدة أهل الشرك في الكفر بالله سبحانه والصد عن هداه، وإخراج أهل المسجد الحرام منه وفتنة أهله؛ أكبرُ عند الله تعالى، وأعظمُ مفسدة؛ من قتالهم في الشهر الحرام، فاحتُملت أخف المفسدتين لدفع أشدِّهما وأعظمهما. كما وقع في صلح الحديبية؛ فإن عمر - رضي الله عنه - قد استشكل ما فيه من ضيم على المسلمين، ولكن لما كان الصلح أخفُّ ضررًا ومفسدة من قتل المؤمنين والمؤمنات الذين كانوا متخفين بدينهم في مكة، ولا يعرفهم أكثر الصحابة، وفي قتلهم مَعَرَّة عظيمة على المؤمنين؛ اقتضت المصلحةُ احتمالَ أخف الضررين لدفع أشدهما، وهو ما أشار إليه قول الله عز وجل: {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [سورة الفتح: ٢٥].

٢ - إن مباشرة المحظور لا تجوز إلا للضرورة، ولا ضرورة في حق الزيادة، والضرورة تقدر بقدرها.

وتحت هذه القاعدة من الفروع والفوائد، ما لا يدخل تحت الحصر، فتزاحم المصالح والمفاسد كلها داخل في هذا. (٣)


(١) ينظر: الفوزان: المصدر السابق، (١/ ٦٧).
(٢) د. محمد مصطفى الزحيلي: المصدر السابق، (١/ ٢٢٦ - ٢٢٧).
(٣) ينظر: السعدي: المصدر السابق، (٢/ ٦٨١).

<<  <   >  >>