للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأجيب: بأن حق الولد إذا كان قد روعي وهو جنين؛ فلم ترجم لأجله بالإجماع، فمراعاته إذا خرج للوجود أولى. (١)

وبأن الرواية التي ذكر فيها عدم رجمها حتى فطمت ولدها = أولى؛ لإثباتها حكمًا زائدًا على الرواية الأخرى التي ليس فيها الإنظار لحين الفطام. (٢)

والتحقيق أن الرواية التي أوردها مسلم في الأصول - وهي التي كان فيها قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا نرجمها وندع ولدها صغيرًا ليس له من يرضعه"، فقام رجل من الأنصار، فقال: إلي رضاعه يا نبي الله؛ قال: فرجمها - وإن كانت أصح مما توبعت به؛ إلا أن الدلالة هي هي؛ فإن حق الله تعالى لما أمكن المبادرة بإقامته، مع ما في ذلك من تحقيق مصلحة الغامدية والرفق بها ومساعدتها في تعجيل طهارتها بالحد، على وجه لا يخل بحق الصغير في الرضاع؛ أذن به النبي - صلى الله عليه وسلم - (٣)، ولولا كفالة الأنصاري ما رجمها - عليه الصلاة والسلام - حتى ترضعه كما قضى في الحكم الأولي، وذلك مناط بالسياسة الشرعية على ما يقدره الحاكم في إطار سلطته التقديرية.

٨ - إن إيجاب الإرضاع على المولود لها هو مقتضى العرف (٤)، والعادة محكمة.

ثانيًا: الاستدلال على عدم ثبوت الأجرة إزاء الرضاع الواجب على الأم:

١ - إن المنافع حق للزوج وملك له؛ فلا يجوز أن يستأجر منها ما هو أو بعضه حقٌّ له (٥).

ونوقش بما يأتي: أ- عدم التسليم بملك الزوج للمنافع؛ فإنه لو ملك منفعة الحضانة؛ لملك إجبارها عليها، ولم تجز إجارة نفسها لغيره بإذنه، ولكانت الأجرة له. وإنما امتنعت إجارة نفسها لأجنبي بغير إذنه؛ لما فيه من تفويت الاستمتاع في بعض الأوقات، ولهذا جازت بإذنه، وإذا استأجرها؛ فقد أذن لها في إجارة نفسها، فصح؛ كما يصح من الأجنبي. (٦)


(١) ينظر: أبو العباس القرطبي: المصدر السابق، (٥/ ٩٧).
(٢) ينظر: أبو العباس القرطبي: المصدر السابق، (٥/ ٩٧).
(٣) ينظر: النووي: المصدر السابق، (١١/ ٢١١).
(٤) ينظر: الحمد: المصدر السابق، (٢٥/ ٦٧).
(٥) ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٤٢٩، ٤٣١).
(٦) ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٤٣٢).

<<  <   >  >>