للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الثانية: حكم بيع لبن الرجل.]

أشار بعض فقهاء الحنابلة إلى هذه المسألة، وقرر عدم صحة بيع لبن الرجل، وما يتأثر عن ذلك من عدم ضمان ما يتلف منه، وقرنه بالخمر، والكلب؛ في الحكم الوضعي القاضي ببطلان البيع. (١)

وهذا الحكم منهم متفرع عن اشتراط كون المبيع مالًا، والمال شرعًا عندهم: ما فيه منفعة مباحة لغير حاجة أو ضرورة (٢)، ولبن الرجل لا نفع فيه؛ لأنه ليس كلبن المرأة غالبًا.

وقد أثمر ذلك في أن لبن الرجل لا يجوز بيعه على بنوك الحليب ولا ابتياعه منهم؛ في مذهب الحنابلة تخريجًا.

[المسألة الثالثة: طهارة حليب الآدمي.]

مع اعتبار كون الأصل في الأشياء الطهارة؛ إلا أن فقهاء المذاهب نصوا أيضًا على طهارة حليب الآدمية (٣)، واستدلوا على طهارة لبن الآدمي بما يأتي:

١ - إن الآدمي طاهر في الأصل، فما تولد منه من اللبن يكون طاهرًا؛ كالعرق، والبزاق؛ إلا ما قام الدليل الشرعي على نجاسته. (٤)

٢ - إن المنفصل من أجزاء الآدمي إنما يتنجس باعتبار الموت، واللبن لا حياة فيه، ولا يحله الموت. (٥)

٣ - قول الله تعالى: {لَّبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلَّشَّارِبِينَ} [سورة النحل: ٦٦] (٦)، وهذا فليكن لبن الآدمية؛ بجامع الحيوانية في كل.


(١) ينظر: البهوتي: المصدر السابق، (٧/ ٣١٣).
(٢) ينظر: البهوتي: المصدر السابق، (٧/ ٣٠٧ - ٣٠٨).
(٣) ينظر: السرخسي: المصدر السابق، (١٥/ ١٢٦). الحطاب: المصدر السابق، (٥/ ٥٦). النووي: المصدر السابق، (٩/ ١٨٤). زكريا الأنصاري: المصدر السابق، (١/ ٢٤). ابن قدامة: المصدر السابق، (٦/ ٣٦٤). البهوتي: المصدر السابق، (٧/ ٣١٣). ونسب النووي إلى الحنفية القول بنجاسته، وهو خلاف ما رأيته في كتبهم. ينظر: النووي: المصدر السابق، (٩/ ١٨٤).
(٤) ينظر: السرخسي: المصدر السابق، (١٥/ ١٢٦ - ١٢٧).
(٥) ينظر: السرخسي: المصدر السابق، (١٥/ ١٢٧).
(٦) زكريا الأنصاري: المصدر السابق، (١/ ٢٤).

<<  <   >  >>