للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونوقش بما يأتي: أ- إن الحقنة لا يعتبر فيه إنبات اللحم، ولا إنشاز العظم، وهذا لا يحرم فيه إلا ما أنبت اللحم وأنشز العظم. (١)

- الترجيح: الراجح أنه لا يثبت التحريم من الحليب الذي يحقن به دبرُ الرضيع؛ لأن السبب الذي نصبه الشارع للتحريم هو الغذاء، وليس طريق الدبر مدخلًا للأغذية، ولا هو أكلًا أو شربًا، ولا في معناهما؛ لأن الأمعاء الغليظة وإن كانت تمتص سوائل الفضلات وغيرها بشكل ضعيف؛ إلا أن الوظيفة الأساسية لها هي تكوين البراز وطرده إلى الخارج، وما يدخل فيها يخرج غالبًا ولا يستقر، وإن استقر فهو لا يغني عن الأكل والشرب، وإذا كان كذلك؛ فهو مما لا يسد مجاعة الرضيع، ولا يلحقه وصف التحريم (٢).

- ثمرة الخلاف: ترتب على الخلاف في هذه المسألة أثر في الفروع الآتية

١ - إذا كوّنت أقراص بألبان الآدميات، وحقن بها الرضيع؛ لم يثبت بها التحريم في قول الجمهور، ويثبت بها التحريم في قول بعض المالكية وبعض الحنابلة.

٢ - إذا وصل حليب الآدمية إلى المستقيم بطريق الأنابيب؛ لم يثبت به التحريم في قول الجمهور، ويثبت بها التحريم في قول بعض المالكية وبعض الحنابلة.

- سبب الخلاف: يرجع منشأ الخلاف في هذه المسألة إلى ما يأتي:

١ - إذا نصب الشرع سببًا - كالرضاع - لا شتماله على حكمة؛ فهل يقتصر عل عين السبب - كالالتقام من الثدي -، أو تعتبر الحكمة؟

فقالت طائفة: يقتصر على عين السبب؛ لأن الشرع لم ينصب غيره، (٣) وهؤلاء لم يروا في حقنة الحليب شيئًا ينشر المحرمية، وهو ما قال به ابن حزم (٤).

وقالت طائفة: يجوز اعتبار الحِكَم؛ لأنها أصل وضع السبب، والأصل أقوى من الفرع؛ كما شرعت السرقة سببًا في القطع لحكمة صون الأموال، والزنا سببًا للحد لحكمة صون


(١) ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣١٥).
(٢) ينظر: د. عبد المجيد الشاعر: أساسيات علم وظائف الأعضاء (ص ٢٢٠ - ٢٢٦).
(٣) ينظر: القرافي: المصدر السابق، (٤/ ٢٧٦).
(٤) ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ٩).

<<  <   >  >>