للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونوقش بما يأتي: أ- إن سائر أجزاء الآدمي يجوز بيعها؛ فإنه يجوز بيع العبد والأمة، وإنما حُرِّم بيع الحر؛ لأنه ليس بمملوك، وحرم بيع العضو المقطوع؛ لأنه لا نفع فيه. (١)

ب - القياس على لبن الأنعام. (٢)

وأجيب: بأن ثمة فرقًا، وهو شرف الآدمي (٣)، وبأنه إنما أبيح منه الرضاع للضرورة (٤)، وبأن الامتهان والابتذال لو كان لازمًا للبيع لصدق ذلك على من يزاوله، وقد علم أن الأنبياء - عليهم السلام - قد اشتغلوا بالبيع والشراء. (٥)

ج - إن الانفصال هنا ليس كانفصال عضو من أعضاء الحيوان، ولو صح هذا الدليل لنهي عن تناول لبن بهيمة الأنعام؛ لأنه انفصل عنها في حياته، ولا قائل بذلك؛ بل هذا الانفصال كانفصال شعر الحيوان؛ فإذا كان الشعر من الحيوان يجوز بيعه والانتفاع به؛ جاز بيع اللبن والانتفاع به. (٦)

٣ - إنه نجس لا يجوز بيعه، وإنما يربى به الصغير للحاجة. (٧)

ونوقش بما يأتي: أ- كيف يكون نجسًا عندكم، وأنتم لا ترون بأسًا في استعاطة الرجل بلبن المرأة وشربه للدواء، ولا تحكمون بنجاسة الثوب إذا أصابه لبن آدمي؛ لأن الآدمي طاهر في الأصل، فما تولد منه يكون طاهرًا من لبن وعرق وبزاق وغيره إلا ما قام الدليل الشرعي على نجاسته، هكذا تعللون، وأنتم ترون أن المنفصل من أجزاء الآدمي إنما يتنجس باعتبار الموت، ولا حياة في اللبن، ولا يحِله الموت (٨)، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "المؤمن لا ينجس" متفق عليه (٩).


(١) ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (٦/ ٣٦٤).
(٢) الحطاب: المصدر السابق، (٥/ ٥٦).
(٣) ينظر: الحطاب: المصدر السابق، (٥/ ٥٦).
(٤) الحطاب: المصدر السابق، (٥/ ٥٦).
(٥) ينظر: الدبيان: المصدر السابق، (٢/ ٢٥٣).
(٦) ينظر: الدبيان: المصدر السابق، (٢/ ٢٥١).
(٧) النووي: المصدر السابق، (٩/ ١٨٤).
(٨) ينظر: السرخسي: المصدر السابق، (١٥/ ١٢٦ - ١٢٧).
(٩) البخاري: المصدر السابق، (كتاب الغسل - باب عرق الجنب وأن المسلم لا ينجس - ١/ ٣٨٤)، برقم (٢٨٧)؛ من طريق علي بن عبد الله، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا حميد، قال: حدثنا بكر - هو ابن عبد الله -، عن أبي رافع، عن أبي هريرة؛ به مرفوعًا، بلفظ: "المسلم لا ينجس"، ومن طريق عياش، عن عبد الأعلى، عن حميد - هو الطويل -؛ بسنده الآنف، ولفظه: "المؤمن لا ينجس". مسلم: المصدر السابق، (كتاب الطهارة - باب المؤمن لا ينجس - ١/ ١٢٨)، برقم (٣٦٤، ٣٦٥)؛ من طريق زهير بن حرب، عن يحيى - يعني: ابن سعيد -، عن حميد، أبي بكر بن أبي شيبة - واللفظ له -؛ عن إسماعيل بن علية، عن حميد الطويل؛ بسنده الثاني عند البخاري، ولفظِه، ومن طريق أبي بكر بن أبي شيبة، وأبي كريب؛ عن عن وكيع، عن مسعر، عن واصل، عن أبي وائل، عن حذيفة؛ به مرفوعًا، بلفظ: "المسلم لا ينجس".

<<  <   >  >>